ضريبة المحروقات… القرار الذي كسر ظهر الناس

في وطنٍ منهك، في زمنٍ صار فيه الحلم عبئًا، أتت زيادة الضرائب على المحروقات كوقع الزلزال… لا بل كاختبار جديد لقدرة الناس على التحمّل.

 

القرار لم يكن اقتصاديًا بقدر ما كان صدمة اجتماعية، نزل كالسيف على رقاب المواطنين الذين بالكاد يصمدون يوماً بيوم.

في بلدٍ تنهار فيه العملة، وتتلاشى القدرة الشرائية، ويبحث الناس عن أبسط مقومات العيش، جاءت هذه الخطوة لتضيف عبئًا فوق أعبائهم، وحملًا على أكتافهم المثقلة أصلاً.

 

ألم يُؤخذ بعين الاعتبار أن اللبناني لم يعد يحتمل؟

أنّ سعر صفيحة البنزين ليس مجرّد رقم، بل كلفة حياة؟

أنّ كل ليرة إضافية تُدفع على المحروقات تعني حرمانًا في مكان آخر: في الغذاء، في الدواء، في التعليم، في النقل، في الكرامة؟

 

رفع الضرائب على المحروقات في ظل هذا الوضع، لا يُقرأ إلا كإجراء قاسٍ جاء في أسوأ توقيت، ليعمّق الفجوة بين المواطن والدولة، ويزيد منسوب القهر بدل أن يخفّف منسوب الأزمة.

 

الناس لا تطلب المستحيل…

لا تريد معجزات، ولا تنتظر خلاصًا من فراغ.

كل ما تنشده هو أن تُعامَل بحدّ أدنى من الإنصاف، أن لا تكون الحلقة الأضعف في كل قرار، أن لا تتحمّل وحدها كلفة الانهيار.

 

نحن شعب صبر كثيرًا، صمد كثيرًا، وتحمّل أكثر مما يمكن تحمّله…

لكن حين يتحوّل الصبر إلى وجعٍ يومي، وحين يصبح الصمود خيارًا مستحيلاً، يصبح الصمت بدوره عبئًا.

 

القرارات التي تمس حياة الناس يجب أن تكون مدروسة، متزنة، نابعة من شعور حقيقي بمعاناتهم… لا مجرد أرقام على ورق.

والمواطن ليس خزينة مفتوحة، بل إنسان له حق أن يُسمَع صوته، أن يُؤخذ وجعه بالحسبان، وأن يُحمى من السقوط لا أن يُدفع إليه.

 

فيا من تضعون السياسات، تذكّروا:

العدالة الاجتماعية لا تُبنى على جيب الفقير، والنهضة لا تقوم على أكتاف المنهكين.

 

فإن كان القرار لا رجعة فيه… فليكن على الأقل مرفقًا بخطوات إنقاذ، تخفيف، دعم، لا بالاكتفاء بالصمت والترقب.

 

فالسكوت ليس رضا، بل عجز عن الكلام…

وكل عجز، مهما طال، لا بد أن ينكسر.

الاعلامي حسين الحاج رئيس تحرير ميدان برس