يحتفل العالم اليوم في 21 حزيران بعيد الأب وذلك مكافأة وتقديرا لما يقدمه الآباء من عطاء لأبنائهم وأسرهم وللمجتمع، ولكن كيف نعايد الأب اللبناني الذي يكافح ويناضل في بلد سلبوا منه رغيف الخبز ؟
إذا قمنا بمقارنة بسيطة بين الحياة اليوم والحياة قبل سنتين لرأينا بأنّ الفرق شاسع جدا بينهما، إذ أننا اليوم نسبح في بحار العهر والخيانة ونعوم على ترع الذل والعار اللذين خلّفتهما سرقات السياسيين الذين ينظرون إلينا من البعيد وكأنهم يستمتعون برؤية وجوهنا تتشح بالسواد ويتلذذون بمشاهدة طوابير الذل والمهانة التي يتعرّض لها المواطن منذ انبلاج الفجر.
أيها الأب اللبناني نحن لا نستطيع مساعدتك لأننا مثلك حرمنا من أبسط حقوقنا .
أيها المناضل المكافح اليوم رغما عن جراحك التي تنزف دون انقطاع، ورغما عن جوع ابنائك وعوائلك وعن عدم امكانك تأمين الحليب لأطفالك الرضّع وعدم ايجاد الدواء الضروري لمرضك المزمن سنقول لك أنت العيد، نعم رغما عن كل هذا فأنت الوعد الصادق للجيل القادم معك سينساقون إلى فجر جديد وبك سيستنيرون بطريق الأمل، أيها الأب نعلم تماما بأنّك لن تيأس ولن تستلم أو ترضخ لجماعات ليست إلا علة الوطن وعاره وعهره، لن تقول أبدا أنّك ستترك أرضك وعائلتك لأولئك الأشرار, فما عرفناك إلا أبا لبنانيا صارخا في وجه الظلم، مصوبا سهامك نحو الحق والحقيقة، فنحن منك وبك وبالقوة سنعايدك .
إن شبح المجاعة الذي يلوح فوق سماء لبنان والذي يدمي الآباء والمربين سوف يقضي على كل ما تبقى من فكر في هذا الوطن، إذ أننا نشهد هجرة غير طبيعية للادمغة وأصحاب الاختصاصات إلى دول الغرب أو حتى الشرق لا يهم المهم أننا نخسر رصيدا فكريا وقدرات بشرية وعلماء وأدباء وفنانين. نعم إننا اليوم نشهد اندثارا حقيقيا لمعالم الفكر والابداع وربما إذا استمرت الأحوال على هذا النحو سنخسر حتى أنفسنا .
ماذا عسانا نقول لك أيها الأب؟ أنقول لك اصبر فإن الله مع الصابرين ونتركك بين أيادي المجرمين والسفاحين والسارقين والمدبرين والمعذبين ؟ وأن هذه التعطيلات الحكومية ليست إلا تغطية لحسابات شخصية يقوم بفعلها السياسيون ويدفع ثمنها الشعب المغلول اليد ؟ وأن هذه الأنظمة الفيدرالية الطائفية هي السبب في تحطيم وانهيار اقتصادنا على جميع المستويات التعليمية والطبية والقضائية …؟جميعنا نعلم بأنّ ملائكة الطوائف ليسوا إلا شياطين مستتبة على عروش ومقامات الوطن ؟
إنّهم اليوم يراهنون على استسلام الناس ولكن أيها الأب نحن نعلم بأنك ستقاوم مثلنا ولن تترك لهم الوطن ليقسموه على اهوائهم وستعدنا بأن عيدك القادم سيكون ذكرى انتفاضة الشعب اللبناني وانتصاره على الظلم والظالمين، وسنعيد مجد وطننا بعيدا عن طوائفهم ومصالحهم وسرقاتهم، فكل عام والأب اللبناني مقاوم كل عام وجميع الآباء بألف خير …
ليندا حمورة ميدان برس