مع البدء باجتماعات مجلس النواب الجديد بكل تركيباته ومكوناته وأطيافه، تشخص الأنظار الى نتائج هذه الجلسات فبين مؤيد لطرح ما ومعارض لاقتراح آخر، لا تنتهي الخلافات السياسية المبنية على المصلحة الحزبية والنبض الطائفي والانقسام السياسي الحاد بين الأفرقاء السياسيين.
يحرص الجميع على انجاز جميع الاستحقاقات الدستورية بنجاح عملا بالدستور والقوانين الوضعية أكانت انتخابية أو تشريعية.
تبحث القوى التي تسمى بالسيادية عن أوراق ضغط تعتمدها في وجه المنظومة الحاكمة مع العلم بأنها جزء لا يتجزأ منها حتى ان وضعناها في خانة قوى المعارضة السياسية التقليدية، هذه المنظومة السياسية التي أعادت وستعيد انتاجها من جديد مع الاشارة الى شرعيتها التي أعطتها الانتخابات النيابية لها، فجميع القوى السياسية قد تم انتخابها بناء عللى قوانين انتخابية نسبية طائفية ومذهبية التي من خلالها لن تستطيع هذه القوى الاحتكام الى القانون دون الأعراف فالعرف الطائفي ما زال سيد الموقف في الجلسات وفي اللجان وفي الاقتراحات ومشاريع القوانين، لذلك هناك من ينتقد هذا الواقع الطائفي مع نسيانه المتعمد الى أن جميع القوى السياسية لم تبادر منذ ثلاثين سنة الى تطبيق اتفاق الطائف بالغاء النظام السياسي الطائفي لاعادة فرز نفس الاحزاب والقوى لكن بمسميات أو تسميات أخرى وهذا لا يشكل تغييرا بل هو تطوير لنفس القوى السياسية وللمنظومة السياسية الطائفية ذاتها.
لذلك عندما نتحدث عن التغيير الذي يمكن أن يحدث فروقا مهمة و تأثيرا كبيرا يجب أن يكون شاملا لجميع القوى والاحزاب والمناطق والطوائف ولا ينحصر بمنطقة أو طائفة معينة فالكل يريد التغيير الجذري وهذا لا يصبح نافذا الا بعد الغاء الطائفية السياسية والاتجاه الى تطبيق القوانين المدنية وهذا ما تدعو اليه القوى السياسية التي تريد تغييرا شاملا وغير مجتزء وغير محدود وغير مختصر بمناطق وبطوائف معينة.
خلال هذه الفترة، ينحصر التفكير بالاستحقاقات الدستورية وأهمها الاستحقاق الرئاسي الذي يحدد بناءا عليه وزن القوى السياسية وقوتها وتأثيرها على الساحتين الداخلية والخارجية ولذلك بدأت جميع المكونات والقوى السياسية برص صفوفها والبحث عن تكتلات قوية تستطيع خرق أي أكثرية يمكن أن تفرضها التحالفات السياسية، حتى الآن كل حزب ينظرالى الوضع الحالي وكأنه امتحان لمدى قوه وقدرته وتأثيره وهذا يمكن أن يخلق فراغا بالنسبة للجانب الدستوري وأيضا بالنسبة لوضع البلد الذي لم يعد يحتمل تأجيل الاستحقاقات والدخول في الفوضى والانقسام السياسي الذي يمكن أن يعيدنا الى مشهد ما قبل سنوات حين ترك الفراغ الرئاسي ثغرة في جميع القوانين والمشاريع والمراسيم والقرارات التي اتخذت من دون ملىء هذا المنصب والكرسي الاول في الجمهورية اللبنانية.
لذلك قبل الخوض في أي تسويات داخلية مبنية على التوافق المحلي والتوجيه الخارجي، يجب الاخذ بالاعتبار بأن تعافي لبنان ونهوضه على سكة الحل الاقتصادي لا يمكن أن يحصل الا بعد حل جميع الأزمات السياسية التي أنهكت البلد اقتصاديا حتى وصل الى الانهيار المالي والاقتصادي .
تجنح الكثير من القوى السياسية الى الدعوة الى تغليب المصلحة الوطنية واستعمال لغة العقل وايثار حب الوطن على غيره من المكاسب والزعامات التي لم تعطي اي نتيجة ايجابية انما أوصلت البلد الى قمة الاحتقان اسياسي والتشنج الطائفي، فالمنافسة الديمقراطية لها أسسها وهي مقبولة في جميع القوانين والاعراف أما محاولة ارضاء كل فريق ومحاولة بعض القوى الغاء أو اقصاء أي فريق فهذا يؤدي حتما الى الانتحار الوطني الجماعي لذلك تنفيذا لارادة الشعب وتطبيقا لنتائج الانتخابات يجب اللجوء الى التوافق الديمقراطي ضمن اللعبة الديمقراطية الانتخابية وليس الاتفاق الفئوي ضمن صيغة التحاصص الطائفي وشتان ما بين المصطلحين لذلك لا تفيد لغة الالغاء والاقصاء والتهميش والتخوين والتهديد بقدر ما يفيد التواصل والاحتكام الى الققوانين والدستور وتغليب حب الوطن على اي اعتبار داخلي وخارجي.
تشير كل المعطيات والمستجدات السياسية الى الارادة الوطنية لجميع القوى السياسية بعدم التعطيل و باجراء جميع الاستحقاقات الدستورية في موعدها المحدد ويتزامن ذلك مع ترقب حصول تسويات سياسية اقليمية تنعكس على الوضع السياسي الداخلي خاصة مع وجود ملفات ملحة أبرزها ملف ترسيم الحدود البحرية وملف استخراج ثروات لبنان البحرية الطبيعية من نفط وغاز لذلك هناك واجب وطني يحتم على الجميع الاسراع في بدء تنفيذ الاصلاحات وانجاز الاستحقاقات.
هناك عدة سيناريوهات تطبع المشهد الداخلي أسوأها الدخول في الفراغ وما يترتب على ذلك من شلل وتعطيل مؤسساتي دستوري وهذا ما تحاول القوى السياسية تلافيه خوفا من وقوع البلد في انهيار تام.
الصحافية نسرين اسعد شعيب ميدان برس