ماكرون يوجه جهوده اللبنانية خليجياً… وإغراءت لطهران

جاء في “المركزية”:

لم يعد من مجال للشك ان شعرة معاوية التي بقيت حتى الامس القريب موجودة بين بعبدا وبيت الوسط شكلا، باعتبار انها في المضمون مقطوعة منذ ما قبل تكليف الرئيس سعد الحريري، لم يعد لها من اساس في ضوء التصعيد الذي شهدته الساعات الاخيرة، ولو ان الحريري ابقى نافذة التواصل مفتوحة نصف فتحة بإيعاز رئاسي فرنسي، استنادا الى ما تكشفه مصادر دبلوماسية غربية لـ “المركزية”. ذلك ان باريس التي لم تتمكن من تحقيق اي تقدم في الملف اللبناني العالق في شباك النكايات والمناكفات السياسية الداخلية لم تيأس ولن تستسلم وستمضي في محاولة استكشاف المتاح من فرص خارج لبنان لتحقيق انجاز تتطلع اليه منذ الزيارة الاولى لرئيسها ايمانويل ماكرون في اعقاب تفجير مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، على رغم تولّد قناعة ان ثمن الافراج الاقليمي عن ورقة لبنان غال جدا ويستلزم على الارجح دخولا اميركيا مباشرا على الخط. الا ان ماكرون يعتقد بوجود فرصة لهذا الانجاز اليوم من باب الملف النووي والدور الممكن ان تضطلع به اوروبا عموما وفرنسا خصوصا ويمكن ان تلج عبره الى ملف ازمة لبنان.

بحسب المصادر، يتوقع ان يحط ماكرون في الخليج نهاية الشهر الجاري او مطلع اذار. زيارته ستشمل المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة ودولا اخرى ربما على تماس مع الملف اللبناني وقادرة، ان ارادت، ان تسهم في العملية الانقاذية التي يقود سفينتها، لا سيما في مجال الدعم والمساعدة ماليا واقتصاديا وسياسيا. هو يدرك تماما ان مهمته ليست سهلة خصوصا ان ما يصدر من مواقف خليجية، كان آخرها من بيروت تحديدا مع زيارة وزير خارجية قطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني حينما ربط تقديم المساعدات بتأليف حكومة مع برنامج اقتصادي، غير مشجع، ولا يبعث اشارات مطمئنة الى امكان نجاح المهمة الفرنسية، واقتصارها على الاستطلاع والاستكشاف ليس اكثر الى جانب الملفات المشتركة الفرنسية -الخليجية طبعا والملف النووي والتطبيع مع اسرائيل. فالجميع يدرك ان الآمر الناهي في الملف اللبناني هي ايران وان لا احد قادرا على فك العقدة سواها. فالخليجيون لا يتوانون عن التذكير في كل مناسبة ان حزب الله، ذراع ايران العسكرية في بيروت ارهابي ويحكم القبضة على السلطة اللبنانية، فيما ذراعها الحوثي في اليمن يتهدد الرياض دوريا ويطلق صواريخه في اتجاهها، فكيف يُعقل ان يقدم الخليج فلسا واحدا للبنان قبل ان يحل هذه الاشكالية؟

مساعي ماكرون “اللبنانية” اذا لا يمكن الا ان تمر عبر الجمهورية الاسلامية، وللغاية يحاول ابقاء التواصل مفتوحا معها عبر “اغراءات” التقديمات الاوروبية الممكنة في الملف النووي مقابل التصلب الاميركي، في المرحلة الفاصلة عن اقلاع المفاوضات. لكن طهران المعروفة بباعها الطويل غير مستعجلة تقديم اي تنازل لا لفرنسا ولا لغيرها قبل تبيان حقيقة موقف واشنطن من النووي اولا ومن سائر ملفات المنطقة الملتهبة، لا سيما في اليمن، ثانيا اضافة الى مسار علاقاتها مع الخليج وتحديدا الرياض. فهل سيتمكن ماكرون من السير بين كل هذه الالغام المزروعة في درب وصوله الى خط نهاية ازمة لبنان ام يسبقه الانهيار المدوي؟