هل التاريخ سيعيد نفسه ونصبح كما كنا في السابق دولة بدون عملة؟ كانوا اللبنانيون يتداولون بالليرة العثملة سابقا، بعد انهيار الدولة العثمانية، اصبحنا فجأة بدون عملة للتداول وأضطرت الدولة اللبنانية لتتداول بالجينه المصري، واثناء الأنتداب الفرنسي أدخلت فرنسا الليرة الموحدة للبنان وسورية،
وربطت يومها بالفرنك الفرنسي كما نحن اليوم مرتبطين بالدولار، وكانت الليرة تعادل عشرين فرنك فرنسي ومن بعدها ارتبطت بالجيني البريطاني، ومن ثم استقلت في عام 1949 وكان يعادل صرف الليرة 8,8 للجيني الواحد و تسمية (المصاري ) أتت من الجيني المصري والفرنك اتى من الفرنك الفرنسي .
في نهاية ستينات القرن الماضي بعهد الرئيس الياس سركيس وكان حاكم مصرف لبنان حينها بالوكالة اثنائها برزت بيروت كمركز مالي واعد.
في العام 1983 رغم مرور ثمانية سنوات على الحرب الاهلية الا ان الليرة اللبنانية كانت صامدة ومحافظة على قوتها الشرائية وكان سعر
صرفها 3,30 ليرة للدولار الواحد، اثناء الاشتياح الاسرائيلي في العام 1982 وصل صرف الليرة خمس ليرات مقابل الدولار وبدأت بالتراجع تدريجيا، وفي عهد الرئيس امين الجميل في العام 1987
استمرت بالأنهيار التدريجي، بعدها اصبحت 2880 ليرة بسبب الاجرائات الضريبة، وهذا الحدث لا يمكن لجيل الثمانينات ان ينساه مما ادى الى التسبب بلجلطات قلبية ودماغية للكثيرين من اصحاب الاموال والمودعين واستمرت على هذا الوضع الى اتفاق الطائف حيث ثبتت الليرة على 1500 مقابل الدولار.
رغم كل ما شهده لبنان من حوالي مئة عام، لم يشهد اسؤا من اقتصاد 2019، رغم الحروب والنزاعات التي حصلت على اراضيه ورغم وصول الليرة 3000 مقابل الدولار، ولكن كانت الناس تستطيع ان تسحب حساباتها من البنوك على الأقل، ونسبة الفقر كانت شبه معدومة و لم تصل الى حد ان ينتحر أب لا يملك أقل من دولار لأعطاء ابنته مصروف يومي.
بأختصار لبنان يحتضر وزعمائه في عالم اخر، ويتناهشون على ما تبقى من وطن وما زالوا لا يتجرؤن بمصارحة اللبنانيين بما ينتظرهم من احتمالات مالية واقتصادية غير مسبوقة،
لم نسمع ولم نقرأ في يوما ما في اي بلد في العالم يحتجز المصرف ودائع الشعب ورواتبهم ، المشاهد الموجعة فعلا ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي بما يحصل داخل المصارف بقول الموظفين لا تقلق اموالك في الحفظ والصون،
هنا يجب على المواطن اللبناني عندما يحتاج لزيارة الطبيب يقول له أتعابك في الحفظ والصون، واذا احتاج مواد غذائية بيكفي يقدم صورة دفتر التوفير, وطبعا حصلت في عدة مصارف، والمبكي عندما يهان رجل مسن وهو يصرخ أريد اموالي وهم يطمئنوه بابتسامات خبيثة ويهدؤ من روعه، مشاهد ازلال الناس بهذه الطريقة لم تحدث في العالم.
السؤال اذا فعلا اموال المودعين موجودة لما لا تصرف ؟ والى متى المراهنة على اعصاب الناس ؟
اين وكيف تبخرت اموال اللبنانيين؟ ما مصير اللبناني الذي وضع مدخراته وجمعها لسنوات ليرة فوق ليرة كي لا يمد يده لأحد، ويحتاج الى القرش الابيض في كبره ليواجه به اليوم الاسود، بعدما دخلت البلاد افلاس غير معلن والمؤتمنين على الوطن والمواطن خانوا بهم.
كل الاوضاع المأساوية وما زالوا اهل السلطة غير ابهين لفاجعة الوطن ووجع المواطن، والشعب اللبناني يعيش حالة رعب على مستقبل مجهول بكل ما للكلمة من معنى مع تدهور العملة الوطنية امام الدولار واحتجاز اموال الناس،
والتلويح بالحرب الداخلية تارة والخارجية تارة اخرى كي ينسى ادنى حقوقه.
وكل هم السلطة تقاسم الحصص بعدما عملوا على تشويه صورة الثورة وكل انسان ثار مطالبا بعيش كريم تم أتهامه بأنه عميل للخارج ووصلت وقاحتهم حتى رأينا عصابات شبيهة (بالكانيبالر) من المدافعين عن انظمة أقل ما يقال عنها فاقدة الرحمة والانسانية،
وعاد كل فريق يطالب بحصته من وطن مجروح، وقلوب ضعيفة لا تستطيع أن تقوى على المماطلة، عملوا على اضعاف النفوس حتى اصبح الشعب اللبناني يترحم على ايام الحروب والاحتلال واصبح كل همه كيف السبيل الى الهجرة بعدما يأس من وطنه الأم .
الكاتبة اللبنانية راوية المصري