افادت الوكالة الوطنية للاعلام ان قاضي التحقيق في بيروت اخلى مدعى عليه موقوفا بموجب مذكرة وجاهية، بعد أن توافرت شروط المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، معلقا تخليته على دفع كفالة.استأنف المدعى عليه القرار أمام الهيئة الاتهامية في بيروت طالبا إعفاءه من الكفالة. وجاء في قرار الهيئة ما حرفيته:”إن الهيئة الاتهامية في بيروت المؤلفة من القضاة، الرئيس ماهر شعيتو والمستشارين جوزف بو سليمان وبلال عدنان بدر، لدى التدقيق والمذاكرة، وبعد الاطلاع على الاستئناف المقدم بتاريخ 31/3/2020 من المدعى عليه أنطوان ملحم، وكيله المحامي حسين زيتون، طعنا في القرار الصادر بتاريخ 30/3/2020 عن قاضي التحقيق في بيروت والذي انتهى إلى إخلاء سبيله بحق لقاء كفالة مالية مقدارها 15 مليون ليرة لبنانية، والذي يطلب بموجبه قبول الاستئناف شكلا وفي الأساس فسخ القرار المستأنف، وإخلاء سبيله في حق نظرا لمدة توقيفه التي تجاوزت المدة المنصوص عليها في المادة /108/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية:أولا: في الشكل:”حيث إن الاستئناف وارد ضمن المهلة القانونية ومستوف لسائر شروطه الشكلية المفروضة قانونا، الأمر الذي يفضي إلى قبوله شكلا،ثانيا: في الأساس:حيث إن المادة /108/ من قانون أصول المحاكمات قد نصت على ما حرفيته: “ما خلا حالة المحكوم عليه سابقا بعقوبة مدتها سنة على الأقل، لا يجوز أن تتعدى مدة التوقيف في الجنحة شهرين يمكن تمديدها مدة مماثلة كحد أقصى في حالة الضرورة القصوى.ما خلا جنايات القتل والمخدرات والاعتداء على أمن الدولة والجنايات ذات الخطر الشامل وجرائم الارهاب وحالة الموقوف المحكوم عليه سابقا بعقوبة جنائية، لا يجوز ان تتعدى مدة التوقيف في الجناية ستة أشهر، يمكن تجديدها لمرة واحدة بقرار معلل.لقاضي التحقيق أن يقرر منع المدعى عليه من السفر مدة لا تتجاوز الشهرين في الجنحة والسنة في الجناية من تاريخ إخلاء سبيله أو تركه
وحيث من المسلم به بموجب النص المعروض انه في حال انقضاء مدة التوقيف القصوى مع تحقق الشروط المفروضة سواء في الجناية ام الجنحة، فانه يتعين وضع حد لتوقيف المدعى عليه، وحيث إن ما هو منسوب للمدعى عليه المستأنف عليه هو إقدامه على تركيب وبيع الانترنت بطريقة غير شرعية مع علمه بالأمر، الجنح المعاقب عليها بموجب المواد الأولى من المرسوم 156/83 المعدل، والمادة الثانية من المرسوم 632/97 و/77/ من قانون العقوبات، وقد أوقف بإشارة النيابة العامة بتاريخ 26/11/2019، ولا يزال موقفا، كما يتبين من مراجعة بيان سجله العدلي، تاريخ 31/3/2020، أن لا حكم سابقا صادر في حقه، وحيث تكون شروط المادة /108/ متوافرة لناحية مبدأ وضع حد لتوقيف المدعى عليه وهو ما قرره قاضي التحقيق من خلال إخلاء سبيله، يبقى تحديد ما إذا كان يمكن إقران إخلاء السبيل في حالة توافر شروط المادة /108/ المذكورة بكفالة مالية،
وحيث بالعودة الى نص المادة /108/ المبسوط أعلاه، يتبين تضمنه ثلاث عبارات تنطوي على دلالات واضحة حول الحل الواجب اعتماده، الأولى عبارة “لا يجوز ان تتعدى مدة التوقيف”، الثانية عبارة “يمكن تمديدها مدة مماثلة كحد أقصى في حالة الضرورة القصوى” والثالثة عبارة “من تاريخ إخلاء سبيله او تركه”،
وحيث ان العبارة الأولى “لا يجوز” تفيد بأن المشرع أراد بهذه العبارة منع استمرار توقيف المدعى عليه مدة تتجاوز الحد الأقصى الذي حدده، حتى اذا وجب تمديدها فلا بد من وجود ضرورة قصوى، وهي العبارة الثانية التي تم ذكرها أعلاه والتي تؤشر بدورها الى مدى تشدد المشترع في تجاوز مدة التوقيف الأولى، حيث اشترط لحصول ذلك وجود ضرورة قصوى في الجنحة، وضرورة تعليل القرار في الجناية، وفي هاتين العبارتين ما يؤكد انه بتجاوز مدة التوقيف الاحتياطي لا يجوز، بمعنى يمنع، إبقاء المدعى عليه موقوفا، ما يعني عدم جواز ربط هذا الأمر بشرط معين كالكفالة مثلا، بدليل ان المشترع حدد ما الأمر الذي يمكن فرضه عندها وهو منع السفر من دون ان يورد أمر الكفالة المالية سواء تم فرضها لحفظ حقوق الجهة المدعية ام لضمان الحضور والنفقات، وبالتالي لو أراد المشترع إجازة ربط الأمر بكفالة لكان أورد ذلك صراحة تماما كما أورد أمر منع السفر ولكان ذكر مثلا انه “لا يجوز ان تتعدى مدة التوقيف ….. ولقاضي التحقيق فرض ذلك لقاء كفالة….”،
وحيث ان ما يؤكد صحة الوجهة المعروضة، هو ما ذكره المشترع في الفقرة الأخيرة من المادة /108/ أي العبارة الثالثة المشار إليها أعلاه وهي “تركه”، وهي تدلل على أن المشرع فرق بين الترك واخلاء السبيل، وان عبارة الترك يجب فهمها بأنها ترعى حالة انقضاء المدة القصوى للتوقيف الاحتياطي، حيث يقرر المرجع القضائي المختص ترك المدعى عليه الموقوف لا تخلية سبيله، وفي هذا دليل على ان المشرع أراد التأكيد انه بانقضاء تلك المدة لا يقرر تخلية السبيل بل الترك، على اعتبار ان تخلية السبيل يمكن ان تقترن بكفالة على ما تورد المادة /114/ أ.م.ج في حين ان الترك يتم دون اقترانه بأي أمرٍ آخر
وحيث إضافة الى ما تقدم فمن الواضح ان الترك المحكي عنه في المادة /108/ هو غير ذلك الحاصل بموجب المادة /111/ أ.م.ج، التي أجازت الاستعاضة عن التوقيف (الترك) بالمراقبة القضائية وإلزام المدعى عليه بموجبات معينة منها الكفالة،
وحيث ان التعليل المعروض أعلاه وتفسير المادة /108/ على النحو المذكور ينسجم مع الأسباب الموجبة للتعديل الذي طرأ على قانون أصول المحاكمات الجزائية وغاية المشترع الكامنة وراء هذا التعديل المتمثلة بالحث على تسريع التحقيقات الجارية في الدعاوى عامةً ودعاوى الموقوفين خاصةً وتالياً في إصدار الأحكام بحقهم بحيث تمّ وضع مدة قصوى للتوقيف الاحتياطي لا يجوز تجاوزها، وحيث لا يرد على ذلك، بأن تقرير الكفالة على الرغم من توافر شروط المادة /108/، تبرره حماية حقوق المدعي والحرص على عدم ضياعها، إذ إن الحرص على حقوق المدعي لا يكون بفرض موجبات على المدعى عليه لا ينص عليها القانون من شأنها تعطيل غاية النص المبينة أعلاه، إنما يكون بتسريع مسار التحقيقبرمتها وصولا الى إصدار الحكم خلال مدة التوقيف القصوى، وحيث لكل ذلك يكون اقران إخلاء سبيل المدعى عليه، المستأنف، كما ذهب القرار المستأنف، على الرغم من توافر شروط المادة /108/ أ.م.ج، واقعا في غير موقعه القانوني السليم، ويقتضي فسخه، وتقرير إلغاء الكفالة، تقرر بالاتفاق:
1. قبول الاستئناف شكلا، وأساسا وفسخ القرار المستأنف وتقرير ترك المدعى عليه، المستأنف أنطوان جوزف ملحم من دون كفالة، وإبلاغ من يلزم.
2. حفظ الرسوم والنفقات كافة.
3. إعادة الملف إلى مرجعه بواسطة النيابة العامة.