منذ 21 شباط، تاريخ تسجيل الإصابة الأولى بفيروس «كورونا»، صار الرقم هو الهاجس. اليوم، مع انتشار الفيروس، يعيش الناس على وقع الأرقام – الإصابات التي تسجّلها وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي. حتى يكاد السؤال الوحيد الذي يطرحه هؤلاء في يومياتهم يكون هو ذاته: كم بلغ الرقم اليوم؟
لكن، في الآونة الأخيرة، مع ازدياد الأعداد المصابة، تغيرت الحال، وبات السؤال المؤرق: متى تبلغ إصابات «كورونا» ذروتها؟ هذا السؤال كان محور عدد من الدراسات التي رافقت مرحلة الانطلاق ولا تزال، والتي تسعى إلى تقدير الأعداد التي يمكن أن «يجرجرها» الفيروس وصولاً الى مرحلة الذروة. ومن بين الدراسات، تلك التي قام بها المتخصّص في علوم الجزيئيات الذرية والنانوتكنولوجيا، الدكتور محمد حمية، وباتت اليوم الدراسة الرسمية المعتمدة من قبل وزارة الصحة.مذ بدأت الحالة الأولى في البلاد، بدأ حمية العمل على دراسته التي صارت نواة عمل «اللجنة العلمية المصغّرة لمواجهة كورونا» التي شكلتها الوزارة قبل أيام من خمسة أطباء، يحمل فيها حمية صفة نائب الرئيس. قسّم الأخير دراسته وفق مرحلتين أساسيتين: ما قبل الوقاية ومعها، ووضع أرقامهما مستنداً الى عملية حسابية رياضية. وهي أرقام خاضعة تالياً للتعديل يوماً بيوم، للبناء عليها «لنعرف لوين رايحين»، يقول حمية. وتهدف هذه الرسوم إلى تحديد الهيكلية التصاعدية للأعداد مقارنة بالدول الأخرى، كما في لبنان، ومحاولة الإجابة على سؤال: «إلى أين سنصل؟».حدّد حمية «صفر الانطلاق» بتاريخ 21 شباط الماضي، تاريخ تسجيل الإصابة الأولى. من هناك، سار بخطّه البياني الذي يحدد من خلاله أعداد الأصابات وفق الأيام. صحيح أنها أرقام تقريبية، إلا أنها كانت الأقرب إلى ما يجري في الواقع. وبناءً على ذلك، بل حدّد «ساعة الذروة»، مع إجراءات وقاية ومن دونها.قبل أن تتخذ الحكومة قرار التعبئة العامة، كان الخط البياني يسير بسرعة ليصل إلى ذروته بعد 54 يوماً من تاريخ تسجيل أول إصابة، أي في الخامس عشر من نيسان المقبل، عندما يصل الرقم إلى حدود 1600 إصابة. أما مع إجراءات الوقاية، فقد اختلف مسير الخط، إذ قدّر بأن يصل عدد الإصابات بعد 54 يوماً (15 نيسان) إلى 950 حالة، على أن يبلغ الفيروس ذروته بعد 70 يوماً (بحدود العشرين من أيار المقبل) برقم يلامس 1300 حالة. إن كان ثمة من رسالة قد توصلها هذه الأرقام، فهو التشديد على أهمية الوقاية في تخفيف سرعة انتشار الفيروس. «الوقاية ثم الوقاية ثم الوقاية»، يقول حمية، ليس فقط بغسل اليدين بالماء والصابون واستعمال الكمّامات والقفازات، وإنما بكل ما له علاقة بمنع التجمّعات والتخفيف من التنقلات.
تبقى هذه الأرقام صالحة، بحسب حمية، للمقارنة، ما لم تدخل عوامل ثلاثة على الخط، أولها «دخول عامل خارجي من جديد كزيادة في أعداد القادمين من الخارج إلى لبنان خلال فترة الإصابات وهي الأشد تأثيراً». أما العاملان الثاني والثالث، اللذان يتعلقان بنسب الوفيات والشفاء، فهما أقل تأثيراً وهامش التغيير بسببهما لا يتعدى الثلاثة في المئة.مع ذلك، لم تنحصر «وظيفة» الدراسة بمراكمة الأعداد، إذ عمل خلالها حمية على تفكيك هيكلية الفيروس، مع العمل على كيفية منع المرض من التأثير في الجسم. وفي هذا الإطار، يشير إلى أن الفيروس يبقى في الحلق بحدود 7 أيام قبل أن ينتقل إلى الرئتين، حيث تدفعه المستقبلات إلى الخلايا. وهنا، تكمن وظيفة الفريق المستحدث في الوزارة لخلق مضادّ لمقاومة هذه المستقبلات ومنع الفيروس من التأثير في الجسم.
المصدر:MTV