جاء في “المركزية”:
تنقسم الآراء الاقتصادية بين مَن يعتبر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي خشبة الخلاص من الانهيار الاقتصادي والمالي القائم، وآخر يرى في المباشرة بالإصلاحات البنيوية بقرار داخلي وتوافق سياسي، أساساً للحل للأزمة الاقتصادية والنقدية المستفحلة.
وعلى وقع الآراء والدراسات المحيطة بالجانبين، تراجع لبنان اقتصادياً ومالياً للسنة الثانية على التوالي، علماً أن غالبية البلدان في العالم وبلدان منطقة الشرق الأوسط باستثناء اليمن، سجلت نمواً إيجابياً خلال العام 2021 على رغم انتشار جائحة “كورونا” والأزمة الاقتصادية العالمية. ويعود هذا التراجع إلى: جمود الحركة الاستثمارية بشكل كامل – تراجع معدّل الاستهلاك نتيجة انخفاض المداخيل الصافية فيما الدولة عاجزة عن تعويض هذا التراجع لأنها مقيّدة بضرورات تقشفيّة على صعيد المالية العامة – تراجع الناتج الإجمالي المحلي بنسبة الثلث على مدى سنتين بحسب أرقام البنك الدولي.
هذه الوقائع السلبية، شاخصة أمام معِدّي مشروع قانون موازنة العام 2022 الذي تنكَب وزارة المال على وَضع اللمسات الأخيرة عليه، مع تمسّك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بدعوة مجلس الوزراء إلى الالتئام لدرس مشروع الموازنة فور تسلّمه من الوزارة، تمهيداً لإحالته إلى مجلس النواب لإقراره.
وأي موازنة ستخرج بها وزارة المال، ستأخذ في الاعتبار سعر الصرف الجديد للدولار الأميركي مقابل الليرة والذي يشكّل المحور الأساس والأدق في صياغتها، خصوصاً لدرس سعر الصرف الذي يلبّي التطلعات في الواردات والنفقات…. خصوصاً أن تحليق سعر صرف دولار السوق الموازية لا سقف له وبات شبه يومي بدون حسيب ولا رقيب…
… النقطة الأصعب في الموازنة
المدير العام لوزارة المال بالوكالة جورج معراوي يكشف لـ”المركزية” أن الوزارة حالياً في طور وَضع اللمسات الأخيرة على المشروع، لا سيما لجهة سعر صرف الدولار الذي سيتم اعتماده في إعداد الموازنة، وهي النقطة الأبرز الخاضعة للدرس في الوقت الراهن، ويعتبرها الأصعب في إعداد الموازنة لهذا العام.
ويُشير إلى أن مشروع الموازنة سيُبصر النور إما أواخر الأسبوع المقبل أو مطلع الأسبوع الذي يليه، جازماً أنها ستُنجَز حتماً قبل نهاية الشهر الجاري.
وعما إذا كانت وزارة المال ستصل إلى حائط مسدود في هذه النقطة أم ستَجد لها الحل الأنجع، يُجيب: سنصل إلى حل في نهاية المطاف… لأنه لا يجوز تعليق مشروع الموازنة نتيجة العجز عن التوصّل إلى سعر الصرف الواجب اعتماده!
لا ضغوطات على المفاوضات
وعن مشهديّة الشارع اليوم ومدى تأثيرها على طاولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي المُرتقب عقدها الشهر المقبل، وما إذا كانت تسبّب إحراجاً للطرف اللبناني المفاوض، يوضح معراوي أن “المفاوضات مع صندوق النقد علميّة بحت، وبالتالي لا تتأثر بضغوطات من هنا أو من هناك، وإلا لن تصل المفاوضات إلى المرحلة التي يجب البلوغ إليها”.
…ولا مَسّ برواتب القطاع العام
وفي المقلب الآخر، ينفي معراوي ما يُشاع عن أن رواتب القطاع العام بخطر، ويؤكد أنها “ستُدفع كاملاً وفي موعدها المُعتاد…”.