القروض والإتصالات والرسوم على الـ1500.. ماذا لو رفع إلى 6000 الآف؟

لم يكن اللبنانيون بحاجة لاعتراف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أنّ سعر الصرف الرسمي “لم يعد واقعياً”، ليدركوا أنّ زمن الـ 1507 ولّى، خصوصًا بعد رُفع الدعم عن المحروقات والمواد الغذائيّة والجزء الأكبر من الأدوية. ربّما أراد حاكم المركزي بتصريحه لوكالة “فرانس برس” أنّ يمهّد للمرحلة المقبلة التي ستقودنا حتمًا إلى التخلي عن الـ 1500، وعن أسعار الصرف المعتمدة في المصارف، باتجاه توحيد سعر الصرف. هي خطوة ربطها الحاكم بتوافر عناصر ضرورية “إذ لا يمكن توحيد سعر الصرف بمعزل عن استقرار سياسي وقبل
 الصرف. هي خطوة ربطها الحاكم بتوافر عناصر ضرورية “إذ لا يمكن توحيد سعر الصرف بمعزل عن استقرار سياسي وقبل اتفاق مع صندوق النقد الدولي”. يُستشف من كلامه أنّ تحرير سعر الصرف لن يكون في المدى القريب، فالإستقرار السياسي غير متوافر بظل تعطيل جلسات مجلس الوزراء، والإتفاق المنتظر مع صندوق النقد لم يُنجز بعد، وإن كنت المفاوضات التقنية مستمرة.

قد يعتبر البعض أن السعر الرسمي او الـ 1500 غير موجود بتاتًا، وأنّ التخلّي عنه لن يغيّر شيئًا في المعادلة الماليّة لدى اللبنانيين، طالما أنّ 80% من السلع مستوردة وتُدفع وفق دولار السوق الموازية، لكن ذلك غير صحيح على الإطلاق، فرغم وجود عدّة أسعار للصرف، لا زال الكثير من الأسعار والخدمات مرتبطا بالسعر الرسمي، أبرزها خدمات الإتصالات والإنترنت التي لا زالت تُحتسب على السعر الرسمي، القروض المصرفية بالدولار وبالليرة، الرسوم والضرائب التي يدفعها المواطن، فواتير الكهرباء كون الفيول الخاص بمعامل الكهرباء يُدفع بالدولار من المصرف المركزي، وكافّة المعاملات الرسميّة والرسوم الجمركية، وكذلك بدلات الإيجار، حتّى أنّ قلّة من الجامعات الخاصة لا زالت تتقاضى أقساطها وفق سعر الصرف الرسمي، وبالتالي لكم أن تتخيّلوا تداعيات تحرير سعر الصرف على جيوب المواطنين، كأن تصبح المكالمة الهاتفية على سبيل المثال، خدمة luxe ليست بمتناول الغالبية العظمى من اللبنانيين، بالتالي لا يمكن تحرير سعر الصرف دون أن يترافق مع إجراءاتٍ مواكبة، كتصحيح الأجور وضخ دولارات في الإقتصاد.

القروض السكنيّة باقية بالليرة
القروض السكنيّة التابعة للمؤسسة العامة للإسكان لن تتأثر بأيّ سعر للصرف قد يُعتمد في المرحلة المقبلة، وستبقى على ما هي عليه، تُسدّد بالليرة دون أيّ تعديل، وفق ما أكّد رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للمؤسسة العامة للإسكان روني لحود في اتصال مع “لبنان 24″، لأنّ الإتفاقيّة بالليرة من الإحتياطي الإلزامي بالعملة الوطنيّة، وغير مرتبطة بأيّ سعر صرف، وغير خاضعة لأيّ منصّة. بعض المقترضين عمدوا في العامين الأخيرين إلى تسديد قروضهم المصرفيّة والسكنيّة تحديدًا، خوفًا من أيّ تعديل قد يطال قروضهم. لحود يشير إلى أنّ قروض المؤسسة العامة للإسكان بلغت حوالي 85 ألف قرض، وخلال العام 2021 قُدّمت طلبات لإقفال وتسديد حوالي 14 ألف قرض، كما تمّ تسديد حوالي 5 الآف قرض العام الماضي.

الخبير الدكتور لويس حبيقة في حديث لـ “لبنان 24” رأى أنّ الأمور ذاهبة حكمًا نحو تحرير سعر الصرف، إذ لم يعد بالإمكان الإستمرار بالوتيرة نفسه، وهذا ما اعترف به الحاكم نفسه “لكن الخطأ الذي ارتكبته الحاكميّة بأنّ التدابير لم تكن بشكل تدريجي، ففي عام واحد، لا بل ببضعة أشهر ارتفع سعر صفيحة البنزين من 25 ألف ليرة إلى 320 ألف ليرة. طالما أنّهم مدركون إلى أين سنصل فلماذا استمروا بالدعم ورفعوه بهذه الطريقة.

أضاف حبيقة “يتمّ استعمال الودائع لتمويل الإضافات على رواتب الموظفيّن، إيّ أنّ اللبناني يموّل اللبناني، وليس أدّل على ذلك سوى التعميم 161 الذي دفعت بموجبه المصارف الرواتب بالفريش دولار، وذلك من الإحتياط الإلزامي ومن دون إذن أو تفويض من قبل أصحاب الودائع”.

ليس هناك من معلومات حول  سعر الصرف المرجّح اعتماده لدى تحرير سعر الصرف، بعضهم يظن أنّه سيكون بين 3 و 8 الآف، والبعض الآخر يرى أنّ السعر سوف يتحدّد على ضوء المعطيات المتزامنة وتوقيته. كما أنّ تحرير السعر لا بدّ وأن يترافق مع تصحيح الأجور كي لا تنعدم القدرة الشرائيّة بالكامل، وهنا يشير حبيقة إلى عدم قدرة القطاع الخاص المنهك بظل الوضع الحالي على مضاعفة الرواتب عشرة أضعاف لتتناسب وسعر الصرف “الأمر سيؤدي إلى إقفال العديد من المؤسسات. والحل يكمن في تعزيز النمو عبر جذب الإستثمارات”.

حبيقة يلفت إلى الأوضاع السياسية التي تنعكس سلبًا على مجمل المشهد المالي والإقتصادي وتعطّل الحكومة “برأيي وجود حكومة أفضل بكثير، وعلى رغم عدم إلتئام مجلس الوزراء يقوم الوزراء بأعمالهم، أمّا في حال استقال رئيس مجلس الوزراء سنكون أمام مأزق أكبر”.