بخطوات متسارعة واتصالات على اكثر من مستوى وبين أكثر من دولة وضع ملف الغاز المصري على النار. موافقة حكومية استثنائية للوزراء لزيارة رسمية الى سوريا تنهي قرابة 12 عاماً من القطيعة على مستوى العلاقات الرسمية بين البلدين، وانطلاق عجلة النفط العراقي باتجاه لبنان لترسو الباخرة الاولى على شواطئه خلال ايام، على ان تليها بواخر اخرى. المشروعان انطلقا بدفع اميركي مباشر ترافق مع وعد مدير المخابرات الاميركية بمساعدات اضافية عند تشكيل الحكومة. الهدف واضح وجلي هنا حيث تسعى اميركا وفق ما تتلمسه مصادر وزارية واخرى تعمل على ملف الغاز المصري الى احداث حلحلة لأزمة لبنان في محاولة لتطويق وصول بواخر المازوت الايرانية.
فللمرة الاولى منذ العام 2011 سيقوم وفد وزاري رسمي بزيارة الى سوريا. وقد صدر مؤخراً قرار رسمي وبمرسوم استثنائي موقع من رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون وحكومة تصريف الاعمال حسان دياب بتفويض وفد وزاري لبناني بزيارة سوريا يتألف من نائبة رئيس حكومة تصريف الاعمال زينة عكر (بصفتها وزيرة الخارجية بالوكالة) ووزير المالية غازي وزني ووزير الطاقة ريمون غجر والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والهدف اعادة تفعيل اتفاقية استجرار الغاز المصري، عن طريق الاردن – سوريا الى لبنان. الموعد لم يحدد بعد لكنه مرجح في غضون الايام القليلة المقبلة، ويتم العمل على اعداد جدول الاعمال الذي سيكون محصوراً بملف الغاز الذي يوفر انجازه نحو 450 ميغاوات ما يكفل زيادة ساعات التغذية بمعدل 13 ساعة يومياً خصوصاً مع وصول النفط العراقي المرتقب في غضون أيام. خلال زيارته الاخيرة موفداً من رئيس الجمهورية وبالتعاون مع المعنيين بالشأن اللبناني – السوري انجز المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الخطوات التمهيدية للزيارة ليصدر رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب موافقة استثنائية لتفويض وزير الطاقة والوزراء الباقين البحث في اتفاقية الغاز من مصر عبر الاردن وسوريا وصولاً الى لبنان. لكن اي اجتماع للوزراء مع رئيس الحكومة لم يعقد بعد ولم يبلغ الوزراء موعداً نهائياً ولا جدول الاعمال ولو ان التحضيرات جارية وثمة رغبة لدى سوريا بالتعاون مع لبنان خصوصاً وان الخط من الاردن الى سوريا اي حمص تحديداً بات جاهزاً وتبقى بعض الخطوات التقنية والتنفيذية.
وتقضي الاتفاقية التي انطلق العمل عليها منذ العام 2009 وحتى 2011 بجر الغاز من مصر عبر الاردن الى حمص وصولاً الى دير عمار. تأخذ سوريا الغاز المصري وتسلم الكمية ذاتها للبنان في آلية عمل كانت تضمنتها الاتفاقية السارية حتى العام 2023 بين الدول الاربع اي سوريا والاردن ومصر ولبنان. وتنص تلك الاتفاقية على ان يقوم الجانب السوري باستلام كمية ستماية مليون متر مكعب قياسي في السنة من الغاز الطبيعي المصري على الحدود السورية الاردنية زيادة عن الكميات المخصصة لسوريا وفقاً لعقد بيع الغاز المبرم وسيتم اعتماد مبدأ swap اي مبادلة الغاز المصري المستلم والذي سيستهلك في المنطقة الجنوبية من سوريا وتسليم الجانب اللبناني ما يعادله بالقيمة الحرارية من الغاز السوري المنتج في المنطقة الشرقية او الوسطى على الحدود اللبنانية السورية. وثمة اتجاه لان يدفع البنك الدولي مباشرة الى مصر وهي تدفع لسوريا.على ان يتم تحديد اجور نقل الغاز المصري الى لبنان عبر سوريا وفقاً للأصول التجارية المتعارف عليها عالمياً في صناعة ونقل الغاز الطبيعي على ان تتم اعادة النظر في تعرفة نقل الغاز بشكل دوري كل ثلاث سنوات باتفاق الدول المعنية.
وتسبق زيارة الوفد الوزاري اللبناني الى سوريا زيارة يقوم بها وزير الطاقة ريمون غجر الى الاردن للمشاركة في الاجتماع الرباعي الذي سيعقد الاسبوع المقبل هناك بين وزراء الطاقة في كل من لبنان سوريا الاردن ومصر لبحث الاتفاقية بتفاصيلها والآلية التنفيذية لها وسط توقعات وزارية تقول ان ذلك يتطلب شهرين الى ثلاثة على ابعد تقدير. وحتى وصول الغاز المصري يكون لبنان قطع شوطاً في استقبال بواخر النفط العراقية حيث من المتوقع ان تصل الباخرة الاولى في الخامس من الشهر المقبل بعد ان رست المناقصة على شركة اماراتية وستليها مناقصات اخرى على كل باخرة على حدة وقد دخلت شركات عراقية وسجلت للمشاركة في المناقصات المقبلة وتؤكد المعلومات ان رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الكاظمي المحتمل استمراره في مسؤولياته لولاية اضافية تلقى تعليمات اميركية بمساعدة لبنان لسد احتياجاته من النفط، بالمقابل اكدت معلومات مصادر موثوقة ان مدير وكالة الاستخبارات الاميركية وليام بيرنز الذي زار لبنان مؤخراً وعد بتقديم مساعدات للبنان عن طريق دول خليجية مستعدة لذلك خارج السعودية شرط تشكيل حكومة. مصادر وزارية معنية بالملف اكدت على زيارة سوريا المرتبطة بملف الغاز حصراً وان لم يحدد موعدها بعد وسيسبقها حكماً نقاش وزاري مع رئيس الحكومة حول الخطة بصيغتها النهائية، كما ان باخرة النفط العراقي التي ستصل خلال ايام متوقفة عند التسهيلات الاميركية الواضحة على مستوى المشروعين ما يشير الى رغبة اميركية عارمة بحل الازمة عن طريق الاستعانة بالنفط العربي وسحب ذريعة الحاجة الى البواخر الايرانية.