يقول وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية إنّه سيزور دمشق قريباً لبحث مسألة النازحين السوريين. سبق له أن قام بخطوات مماثلة قاصداً العاصمة السورية في أكثر من جولة والتقى مسؤولين هناك، ولكن من دون أن يشهد هذا الملف أي تقدم أو تطور نوعي، خصوصاً وأنّ المبادرة التي قادتها موسكو لمعالجة هذه القضية الحيوية اصطدمت بجدار من العوائق والعراقيل، وأهمها إعادة إعمار سوريا تسهيلاً لعودة النازحين.
إلا أنّ الزيارة المرتقبة لوزير شؤون النازحين متوقّفة على إحصاء يجرى العمل عليه مع السلطات المحلية، وتحديداً البلديات، لرفعه إلى السلطات السورية التي يقول مطلعون على موقف مشرفية، إنّها أبدت استعدادها للتعاون مع لبنان في هذا الملف، لا سيما في ما خصّ النازحين من مناطق باتت آمنة لم تعد تشهد أي أعمال عسكرية.
يشير المواكبون لملف النازحين إلى أنّ السلطات اللبنانية هي التي ترتكب التقصير في هذا المجال بعد أكثر من عشر سنوات على بداية الحرب السورية وبدء النزوح، حيث تلكأت الإدارات المعنية عن تجميع أرقام دقيقة حول واقع النزوح أو حتى تسجيل الولادات، خصوصاً وأنّ السوريين أبلغوا اللبنانيين عدم ممانعتهم في عودة من يرغبون إلى بلداتهم بعد تأمين الحد الادنى من مقومات العيش. ولهذا طلبت السلطات السورية تزويدها بإحصاءات دقيقة حول واقع النزوح السوري في لبنان يتضمن خريطة المناطق التي نزح منها هؤلاء الموجودون على الأراضي اللبنانية، لبحث امكانية إعادتهم بعد توفير مقومات البقاء في بلداتهم. وعلى هذا الأساس بدأ العمل على إجراء هذا الإحصاء.
يقول الوزير مشرفية لـ”نداء الوطن” إنّ الرقم المتوفر الآن لدى وزارة الشؤون الاجتماعية يظهر أنّ هناك مليوناً ونصف المليون سوري على الأراضي اللبنانية، بين نازحين وعمّال. وقد تبيّن أنّ هذا الإحصاء هو نتيجة عمل قامت به وزارة شؤون المهجرين المكلفة بالجانب التقني ضمن اللجنة الوزارية للتنمية الريفية، وقد عملت الوزارة بالتنسيق مع التفتيش المركزي، وبالتعاون مع البلديات على إجراء احصاء كامل لكل القطاعات والخريطة الديموغرافية في كل البلدات اللبنانية.
تقول وزيرة المهجرين غادة شريم” إنّ الوزارة أنجزت أكثر من 88 في المئة من هذه المهمة التي قامت على أساس استمارات، تمّت تعبئتها الكترونياً من جانب البلديات عبر منصة impact التي جهّزها التفتيش المركزي، فيما وقع النقص في البلدات التي تمّ حلّ مجالسها البلدية أو تلك التي لا مجلس بلدياً فيها وبدت المهمة صعبة على مخاتيرها، حيث تحاول الوزارة التعويض عن هذا النقص من خلال ايكال المهمة إلى عناصر تابعين للوزارة لتعبئة الاستمارات.
وتشير إلى أنّ هذه الاستمارة تتضمن خريطة مفصلة لكل القطاعات الموجودة في نطاق كل بلدية، من قطاعات زراعية، صناعية، سياحية، تربوية، صحية… إلى جانب الخريطة الديموغرافية من لبنانيين وغير لبنانيين، وتحديداً سوريين وفلسطينيين. وتلفت إلى أنّ هذه الاستمارة اقتصرت على الأعداد فقط من دون تفاصيل، وقد تبيّن أنّ عدد السوريين الموجودين في لبنان يقارب المليون ونصف المليون، لافتة إلى أنّ هذه الداتا تخضع للتدقيق والتحليل قبل أن تكون بتصرف بقية الوزارات والإدارات الرسمية وحتى الرأي العام لتكون متاحة أمامهم، مشيرة إلى أنّ أهمية هذه الداتا أنها خاضعة للتعديل والتطوير، ومرجعيتها هي البلديات، فيما تقوم الوزارة بعملية تقاطع للمعلومات مع المنظمات الدولية.
بالتوازي، يقول أحد المواكبين لملف النزوح في وزارة الشؤون الاجتماعية إن العمل جار على وضع إحصاء متكامل عبر وزارة الداخلية والبلديات، حسب قرارات اللجنة التسييرية لبرنامج الاستجابة للأزمة السورية التي يترأسها وزير الشؤون الاجتماعية، والتي أوصت بوضع احصاء دقيق للنازحين السوريين يتناول العدد، كيفية توزّعهم على الأراضي اللبنانية، فضلاً عن تحديد المناطق التي نزحوا منها من سوريا كونه العنصر الأهم لتحقيق العودة الطوعية، لكي يكون التنسيق اللبناني- السوري على أساس المناطق الآمنة والتي تتمتع بحماية اجتماعية واحتضان من الدولة وسبل عيش تحفظ كرامة النازحين وحياتهم.
ويشير إلى أنّ وزارة الداخلية طلبت من كل المحافظين والقائمقامين ورؤساء البلديات الانطلاق في العمل لتأمين هذه الداتا، لافتاً إلى أنّ المعلومات التفصيلية الموثقة موجودة الآن لدى جهاز الأمن العام اللبناني ومفوضية شؤون النازحين، التي تملك حوالى 850 ألفاً مسجلين لديها وحوالى 250 ألفاً مأخوذ العلم فيهم ولكن غير مسجلين. أما الهدف فهو تسجيل كل النازحين ضمن قوائم رسمية تتضمن كل المعلومات الضرورية لمعالجة ملف العودة بشكل سليم يضمن فعالية التنفيذ.
أما ومتى الانتهاء من هذا الإحصاء؟ فالإجابة صعبة جداً في ظل حالة التحلل التي تصيب كل المؤسسات الرسمية!
المصدر “نداء الوطن”: