في ظلّ الارتفاع الكبير في أسعار اللحوم، أثارت الجدل تصريحات حول إمعان كبار التجار والمستوردين في تخزينها والإفادة من الدعم لتحقيق المكاسب، حيث تمّ التداول بمعلومات عن كميات كبيرة من اللحوم المستوردة بالسعر المدعوم، كانت مخبّأة في المخازن وأفرج عنها في السوق لبيعها وفق سعر الصرف الموازي، أي بثلاثة أضعاف السعر المدعوم، قبل أن تنتهي صلاحيتها بعد 10 إلى 15 يوما فقط.
إلا أن مصادر في وزارة الاقتصاد نفت لـ “المركزية” صحّة هذه المعلومات، موضحةً أن “العديد من طلبات الدعم سُحبت من الوزارة، بناءً على رغبة وطلب المستورد، نظراً إلى تأخير مصرف لبنان في تأمين الأموال اللازمة. لذلك، أفرج التجار عن اللحوم من المستودعات وعرضت في السوق بأسعار غير مدعومة كونها لم تعد كذلك، خصوصاً بعد الكتاب الموجّه من حاكم مصرف لبنان إلى وزارة الاقتصاد بإيقاف العمل بالآلية المعتمدة للدعم لحين اقتراح آلية جديدة بين الطرفين”.
من جهته، شرح أمين سرّ نقابة اتّحاد القصابين وتجّار المواشي ماجد عيد لـ “المركزية” أن “ما بين الـ 40 إلى الـ 50 مليون دولار من البضائع المدعومة لم تحوّل قيمتها بعد من مصرف لبنان للمستوردين منذ حوالي ثلاثة أشهر رغم وصول البواخر إلى لبنان، بالتالي الدولة تريد بيع سلع مدعومة للمواطن من دون تسديد ثمنها للتاجر، لذا أبلغنا وزارة الاقتصاد عدم رغبتنا الحصول على الدعم، خصوصاً وأنه بات على مسؤوليتنا عبر التوقيع على أوراق رسمية تثبت ذلك”.
ولفت إلى أن “بواخر غير مدعومة وصلت مؤخّراً وسحبنا ملفّات دعمها من وزارة الاقتصاد، خصوصاً في ظلّ عدد كبير من الملفّات العالقة في مصرف لبنان منذ أشهر، ما يدفع المستورد إلى فقدان الثقة، وقررنا البدء ببيع اللحوم على سعر الصرف الموازي ما أدّى إلى وجود ثلاثة أسعار في السوق: الأوّل، مدعوم نادر جدّاً وشبه معدوم بـ 45 ألف ل.ل.، الثاني، هو السعر المدعوم المسروق أي نؤكّد وجود أبقار مدعومة في السوق خُزِّنت بعد حصولها على موافقة الدعم وتباع بسعر أعلى من المدعوم لكن أدنى من السعر الفعلي (ما بين الـ 50 والـ 90 ألف ل.ل.) فيدّعي بعض التجار وقوفهم إلى جانب المواطن، إذ أفرجوا عنها بعد اتّخاذ الآخرين قرار عدم الحصول على دعم، وهذا هو السعر الثالث إذ قبل ارتفاع الأسعار كان كيلو اللحمة بـ 10$ ما يوازي اليوم 120 ألف ل.ل. تقريباً تبعاً لسعر صرف السوق السوداء”.
وسأل عيد “لماذ الأزمة ليست بتوافر اللحوم بل بأسعارها؟”، متابعاً “يعني أن البعض خبّأ البقر الحي بعد الحصول على الدعم و افرج عنه لبيعه مدّعياً بأنه بـ “سعر تشجيعي”، لكنه يحقق أرباحاً طائلةً”.
وعن المرحلة المقبلة المتمثّلة بالعمل وفق آلية الدعم الجديدة لمصرف لبنان القاضية بالحصول على موافقة مسبقة، أكّد أن “قبل تحويل ملفّات المستوردين إلى الخارج خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة لن يقدم أي مستورد على طلب الدعم لأن لا يمكنهم المخاطرة أكثر”.
وأوضح عيد أن “الطب تراجع بنسبة 60% تقريباً بسبب تكديس المواطنين اللحوم تحسّباً لارتفاع الأسعار في حال رفع الدعم، إلى جانب عدم استيعاب المستهلك أن ثمن كيلو اللحمة الحمراء بـ 100 ألف ل.ل.”، مضيفاً “كذلك 60% من الملاحم أقفلت أبوباها والنسبة نفسها تنطبق على المستوردين الذين توقفوا عن الاستيراد منذ شهرين تقريباً”.
واعتبر أن “لا يمكن للدولة أن تستمر بالدعم فقط بالكلام، إذ في هذه الحالة مطلوب تحويل الأموال للموردين في الخارج وإلا ستتدمّر القطاعات، كذلك المطلوب إرساء آلية واضحة، ممنهجة وشفافة للدعم وتحديد أوقات دقيقة لإجراءاته”، متسائلاً “لماذا يستغرق الملف ثلاثة أشهر قبل تحويله من مصرف لبنان؟ نحن بحاجة إلى إجابة مقنعة على هذا السؤال، وإذا لم تتوضّح الصورة يعني أن هناك مشكلة لا يريد المسؤولون الإعلان عنها، بالتالي لن نخاطر أكثر”.
ماذا عن الدجاج؟ توازياً، كان سعر الدجاج شهد ارتفاعاً كبيراً حيث وصل سعر الكيلو إلى ما بين الـ 40 والـ 45 ألف ل.ل. فهل تعود وتنخفض الأسعار؟
موسى فريجي كشف لـ “المركزية” “توقّف الدعم عن العلف ومستلزمات الإنتاح الأخرى، واعتباراً من الأسبوع الماضي باتت صناعة الدواجن تتعامل بالدولار النقدي لشراء المستلزمات على أنواعها، ما زاد كلفة الإنتاج 60%، وحتّى اللحظة لم ترتفع اسعار المبيع بالنسبة نفسها لأن العرض والطلب يقرّرها، حيث المستهلك حذر مع ارتفاع الأسعار السريع إذ يتريّث متوقّعاً إمكانية انخفاضها. لكن، خلال الأسبوعين المقبلين الزيادة على الأسعار الرسمية والأدنى ستكون بحدود الـ 60%”.
وأوضح أن “المستوردين يسدّدون كامل قيمة الفواتير بالدولار النقدي بعد دخولنا الأسبوع الثالث من وقف وزير الاقتصاد توقيع معاملات الدعم الجديدة، بناءً على طلب مصرف لبنان”.
واشار فريجي إلى أن “الدجاج البديل الوحيد للحمة الحمراء كمصدر بروتين حيواني، وأسعاره أدنى منها بنسبة تتراوح ما بين الـ 50 والـ 80%”.
وفي ما خصّ البيض، أكّد أن “الأمر نفسه ينطبق عليه، ولا تزال الأسعار معقولة حيث تباع الكرتونة بـ 30 ألف ل.ل. والحليب البديل عنه في حين أن أسعاره أغلى بضعفين”.