كتبت كريستال خوري في “أساس ميديا”:
سبق لوزير الداخليّة في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي أن أرسل مشروع مرسوم لرئاسة الحكومة حدّد موعد الانتخابات الفرعيّة لملء شغور عشرة مقاعد، في 28 آذار الماضي، لكنّ المرسوم لم يرَ النور، لأسباب سياسيّة ولوجستيّة.
سياسيّاً، وحده رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي هو الأكثر حماسةً لإجراء الاستحقاق، من باب “زكزكة” رئيس الجمهوريّة ميشال عون وفريقه العونيّ، اللذين يميلان إلى عدم خوض هذه المعموديّة في هذه اللحظات بالذات، خوفاً على افتضاح تراجع شعبية التيار الوطني الحرّ في الساحة المسيحية. لأنّ الانتخابات ستكون مسيحية – مسيحية، مع 10 مقاعد شغرت بالاستقالة والوفاة. وهي 16 % تقريباً من المقاعد المسيحية الـ64 في مجلس النواب.
رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب يفضّل حصول تفاهم مسبق قبل توقيع المرسوم… أمّا “حزب الله” فيتردّد أنّه لن يقف حاجزاً أمام إجرائها فيما لو جرى التفاهم على ذلك، لا بل قد تكون فرصةً مناسبةً لاختبار تغيّرات الأرض والتحالفات تمهيداً للانتخابات الشاملة. لكنّ الطابة تبقى في ملعب رئيس الجمهوريّة.
في الواقع، لا يُبدي “التيّار الوطنيّ الحرّ” حماسةً لإجراء الانتخابات راهناً، كما يؤكّد متابعون معنيّون، لأنّها “وجعة راس” لا تقدّم ولا تؤخّر في هذه المرحلة. وقد لا تغيّر كثيراً في توازنات البرلمان. ولو أنّه لا يشعر أنّها تحدٍّ قاسٍ، إذ يتبيّن، وفق الخبراء الانتخابيّين، أنّ مقعد زغرتا مرجّحٌ تجييره لمصلحة “تيّار المردة”، فيما مقعد طرابلس أقرب إلى نجيب ميقاتي، ومقعدا الشوف وعاليه أقرب إلى وليد جنبلاط. وستكون المنازلة الكبرى في الدوائر المسيحيّة: المتن وبيروت الأولى وكسروان.
وفق هؤلاء، فإنّ مقعد كسروان تحدّد التحالفات مصيره، أمّا دائرة بيروت الأولى فأقرب إلى “التيّار الوطنيّ الحرّ”، وخصوصاً إذا وقفت “الكتائب” على الحياد انسجاماً مع موقفها الرافض للعودة إلى هذا المجلس. والمتن سيخوض استحقاقه وفق نظام النسبيّة، وبالتالي لن يخرج “التيّار” خالي الوفاض من الامتحان.
على هذا الأساس، يقول بعض الخبراء إنّ العونيّين لا يخشون النتائج التي سيحقّقونها، وقد يكون حجم “السكور” هو الذي يدفع بهم لأن يعدّوا إلى العشرة، لكنّ الانخراط في “وحول” التحضير للانتخابات، في هذه الأيّام الصعبة، من شأنه أن يربك “التيّار” ويملي عليه سيناريو التأجيل.
لوجستيّاً، وجّهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء منذ شهر تقريباً كتباً إلى الوزارات المعنيّة بالاستحقاق، وهي الماليّة والدفاع والصحّة والتربية، للسؤال عن مدى جهوزيّتها. وحدها وزارة المال ردّت أمس بطريقة رسميّة فأرسل “وزير الماليّة في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني إلى رئاسة مجلس الوزراء، مشروع مرسوم يتعلّق بنقل اعتماد من احتياطي الموازنة لعام 2021، إلى وزارة الداخلية والبلديات – الدوائر الإداريّة، لإجراء الانتخابات النيابيّة الفرعيّة عن المقاعد النيابيّة العشرة التي شغرت بسبب الاستقالة والوفاة”.
في الساعات الأخيرة، تلقّت الأمانة العامة لمجلس الوزراء ردّ كلّ من وزارتي الدفاع والصحّة بانتظار ردّ وزارة التربية. الأهم من ذلك هو أنّه لدى رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب توجّه لتوقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، خصوصاً أنّ الشغور الحاصل في مجلس النواب يشكّل إخلالاً ميثاقياً.
ويقول وزير الداخليّة في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي لـ”أساس” إنّ تذليل عقبة الاعتماد الماليّ من شأنه الدفع باتجاه إجراء الاستحقاق، خصوصاً أنّ الظروف الصحّيّة باتت أقلّ صعوبة مع توسّع دائرة التلقيح”.
وفهمي ينتظر أن يكتمل الملفّ ليبني على الشيء مقتضاه. لكنّه يميل إلى تحضير مشروع مرسوم جديد لتحديد موعد جديد للانتخابات، قد يكون بين منتصف أيّار المقبل، بعد انتهاء الأعياد، أي الفصح والفطر، ومنتصف شهر حزيران المقبل، لإجراء الاستحقاق إذا ما جرى توقيع المرسوم من جانب رئيسيْ الجمهوريّة والحكومة.
على أنّ إجراء الانتخابات يحتاج إلى مرسوم استثنائيّ يوقّعه الرئيسان نظراً إلى الأعمال الإضافيّة التي تفرضها الانتخابات، ومنها الشقّ الماليّ، ولا يمكن الاكتفاء بمرسوم دعوة الهيئات الناخبة الذي يصدر عن وزير الداخلية.