خطّة وُضعت لربط بيروت بـ”محور الممانعة”

“الراي الكويتية”:

لن يخرج لبنان قريباً من تأثير «الصدمة السلبية» التي أحْدثها انقطاع «الخيْط الرفيع» الذي كان يُبْقي على «خط الرجعة» في العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، في وقت يبدو «دومينو» الانهيار أسرع من أي حلول خارجية يَبْقى إمكان ترتيبُ «أحجارها» مرتبطاً بالصراع الكبير في المنطقة الذي بات أشبه بـ «بازل» يصعب تحقيق تَوافُقاتٍ بين اللاعبين المؤثّرين حول «ساحة» منه بمعزل عن الأخرى.

وهذه الخلاصة التي سادت الكواليس السياسية في بيروت أمس، جاءتْ في سياق «تَعَقُّب» آفاق الحركة الداخلية ما بعد «الاثنين الصاعق»، في موازاة إدارة سفراء عرب وأجانب محركاتهم على شكل لقاءاتٍ مكثفة مواكَبةً للمرحلة الخطيرة التي دخلها لبنان والتي استوجبتْ «تأهباً» عربياً – دولياً ستكون له تتمات في الساعات المقبلة.

وإذ تنتظر بيروت زيارة قد يقوم بها في الأيام المقبلة الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط أو موفد من الجامعة، لاستكشاف إمكان الاضطلاع بدورٍ توفيقي على قاعدة المبادرة الفرنسية، سيحضر الملف اللبناني في القمة التي يعقدها قادة دول الاتحاد الأوروبي اليوم وغداً في بروكسيل ‏(عبر تقنية الفيديو) ويُشارك فيها الرئيس الأميركي جو بايدن، وذلك بناء على طلب من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي كان أعلن «اننا سنحتاج في الأسابيع المقبلة، بوضوح شديد، إلى تغيير مقاربتنا ونهجنا» حيال لبنان، قبل أن يحضّ وزيرُ خارجيته دول الاتحاد على «عدم الوقوف مكتوفين ولبنان ينهار».

وترى أوساط واسعة الاطلاع، أن رفْع منسوب الإحاطة الخارجية بالأزمة اللبنانية والذي تَرافق مع تسريباتٍ عن أن موضوع العقوبات الأوروبية – الأميركية يجري «تسخينه»، يبقى عنصرَ ضغطٍ كفيلاً بتعديل الموازين التي اختلّت بقوة مع «الانقضاض الناعم» على مرتكزات المبادرة الفرنسية والذي عبّرت عنه مقاربة عون سواء بالتمسك بـ «نموذج» حكومة المحاصصة الحزبية ولو بوجوه غير حزبية أو بدفْع الحريري نحو الاعتذار كـ «أهون خيار»، ولكن هذا الضغط لن يكون كافياً لاستيلاد حلولٍ لا يمكن بلوغها بمعزل عن «الضوء الأخضر» من إيران التي لا تختار دخول التسويات كما المعارك إلا «في التوقيت والمكان المناسبين».

وتعتبر الأوساط أن الخطاب المفصلي للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله قبل أسبوع، شكّل مؤشراً واضحاً ليس فقط لعدم استعدادٍ إيراني للمرونة في الواقع اللبناني بل إلى قرار بالتشدّد على صعيد الإمعان في ربْط بيروت بـ «محور المقاومة» (من باب الخيارات الاقتصادية والمالية) وإحياء صيغة الحكومة السياسية وتوفير «غطاء» لاندفاعة عون بإزاء الثلث المعطّل، وهو ما يتأكّد تباعاً أنه من ضمن مرحلة جديدة من «الهجوم السياسي» الشامل عبّر عنها أمس أمران:

– الأول بيان كتلة نواب «حزب الله» الذي بدا محمّلاً بدعم ضمني إضافي لرئيس الجمهورية، إذ أكد «أهمية تذليل العقبات أمام تشكيل الحكومة رغم النتيجة الصادمة التي نتجت عن اجتماع بعبدا الاثنين»، معتبراً ان «حكم البلاد يتطلب تعاوناً شفافاً بين الرؤساء ما من شأنه أن يُطيل عمر الحكومات، والاعتماد على الدعم الخارجي لا يكفي لإطالة عمر أي حكومة، وبناءً عليه نطلب من الجميع مراعاة أصول الحُكْم».

– والثاني، الزيارة المباغتة لوزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، لدمشق، مستظلاً أزمة نقص الأوكسيجين في مستشفيات لبنان «التي تكفي ليوم (أمس)»، وفق قوله، وهو ما قوبل في بيروت بعلامات استفهامٍ ولا سيما مع تأكيد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون أنّ «هناك مصنعين كبيرين للأوكسيجين في بلدنا يلبّيان الطلب، ولا نقص في هذه المادّة»، في موازاة كشف البيانات المنشورة من وزارة الصحة أن عدد المرضى الموضوعين على أجهزة التنفس الاصطناعي هو 295 وليس ألفا، كما صرّح حسن، بعد لقائه نظيره السوري حسن الغباش الذي أعلن أنه بتوجيه من الرئيس بشار الأسد سيتم تزويد لبنان بـ75 طناً، تقسَّم 25 يومياً لمدة ثلاثة أيام.