عين التينة على “خط الهجوم”… وباسيل “حائط صد”!..

الأزمة لم تبلغ مداها بعد، إنما هو مجرد وهجها “الجهنمي” بدأ يلفح اللبنانيين ويكوي جيوبهم بلهيب الدولار المتفلّت من كل قيود المنصات والتسعيرات الشرعية وغير الشرعية، ليواصل ارتفاعه الصاروخي نحو آفاق فلكية لم يعد يحدّها سقف ولا حدّ. وبينما تمعن السلطة في قطع أرزاق الناس بتعنّتها الخانق لكل مقومات الصمود الوطني أمام هول تأثيرات الانهيار وتداعياته الكارثية معيشياً ومالياً على المواطنين، يتسارع العد العكسي نحو بلوغ لحظة انفجار اجتماعي كبير تحت تأثير “رفض سماسرة النفوذ الطائفي مواجهة الأزمات” في لبنان الذي أصبح بمثابة “رهينة، يواجه (نسوراً سياسية) تتغذى على جثته” وفق توصيف “فاينانشال تايمز” أمس.

ولأنّ الانفجار إذا ما وقع، لن تكون أي من الساحات والمناطق والطوائف والمحميات الحزبية بمنأى عن شظاياه، فإنّ المعطيات المتوافرة تشي بأنّ قيادة “حزب الله” بدأت تتحسس على أرضية الانهيار المعيشي في مناطق نفوذها خطورة التمادي في لعبة التعطيل الحكومي، لكنها لا تزال مترددة في ممارسة الضغوط اللازمة على رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل انطلاقاً مما تعتبره “مسؤولية أخلاقية” تجاهه بعدما تم إدراجه على قائمة العقوبات الأميركية… غير أنّ ما بعد زيارة موسكو قد لا يكون كما قبلها بالنسبة لـ”حزب الله”، خصوصاً وأنّ مصادر واسعة الاطلاع نقلت لـ”نداء الوطن” معلومات تفيد بأنّ الجانب الروسي خلال محادثاته مع وفد الحزب أمس طلب بشكل واضح أن يلعب “حزب الله” دوراً إيجابياً “حاسماً” في عملية التأليف، حتى ولو اضطره الأمر إلى “الضغط على الأطراف التي يمون عليها لوقف عرقلة ولادة الحكومة” في إشارة مباشرة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون ومن خلفه باسيل.

وفي المقابل، أوضحت المصادر أنّ وفد “حزب الله” نقل رسالة إلى القيادة الروسية أبدى من خلالها “استعداد الحزب للعب دور مؤثر بالتواصل مع حلفائه لتسهيل التشكيل وتذليل العراقيل”، مع التأكيد في الوقت عينه على “رفضه بشكل قاطع أن ينال أي فريق سياسي لوحده في الحكومة العتيدة “الثلث المعطل” حتى ولو كان هذا الفريق من الحلفاء”.

ولفتت المصادر إلى أنّ الجانب الروسي ركّز في محادثاته مع وفد “حزب الله” على “أهمية تشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري كي تكون قادرة على إخراج البلد من أزمته”، فكان تطابق في وجهات النظر حيال هذه النقطة بحيث أعرب الوفد عن قناعة “حزب الله” بأهمية أن يترأس الحريري نفسه الحكومة الجديدة “لما له من علاقات عربية وأوروبية ودولية من شأنها أن تساهم بشكل فعال في جلب المساعدات للبنان”.

أما على مستوى الحراك الداخلي، فيبدو أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري التقط مؤشرات “اللحظة المؤاتية” إقليمياً ودولياً للانتقال من دفة الاحتياط إلى “خط الهجوم” على ملعب التأليف، فبادر إلى قيادة حركة مكوكية باتجاه مختلف الأطراف، لكن اندفاعته هذه سرعان ما اصطدمت بـ”حائط الصد” الذي ينصبه باسيل عند مربّع القصر الجمهوري، الأمر الذي خلّف امتعاضاً عارماً في عين التينة عكسته كتلة “التنمية والتحرير” أمس بتصويبها على ضرورة أن يقلع “المعنيون بالتوقيع على المراسيم” عن رمي كرة المسؤولية من ملعب إلى آخر وأن يبادروا إلى “وقفة تاريخية مسؤولة” من أجل تسهيل التأليف و”إزالة العراقيل التي أعاقت وتعيق إنجاز حكومة مهمة تنقذ لبنان مما يتهدد وجوده”.

لكن على الضفة المقابلة، نقلت أوساط مقربة من دوائر الرئاسة الأولى أجواءً تشاؤمية حيال إمكانية ولادة الحكومة في وقت قريب على اعتبار أنّ “كلّ ما كان يعوّل عليه من عوامل يمكن أن تساهم في تشكيل الحكومة أصبح في خبر كان”، مشيرةً إلى أنّ “الفرنسيين يضغطون في كل الاتجاهات ولم يسفر ضغطهم عن أي نتيجة حتى الساعة، وكذلك كل المبادرات والمساعي التي يقوم بها رئيس مجلس النواب أو سواه لن تكون نتيجتها إلا سراباً”.

وإذ شددت على أنّ “المواقف لا تزال على حالها مع استمرار كل طرف بالتخندق في مربعه”، لفتت الأوساط نفسها إلى أنه “بعد فشل كل المحاولات والمقاربات التي سعت خلال الفترة الماضية إلى تقريب وجهات النظر الحكومية، لم يعد هناك من يستطيع أن يحدث أي خرق في جدار الأزمة، وإن كان ثمة من لا يزال يتحرك أو يحاول المبادرة فلن يكون بمقدوره تحقيق ما عجز عن تحقيقه غيره”

المصدر : نداء الوطن