طرح بكركي يُواجَه من البيت وخارجه… وهكذا يُمنع إجهاضه

جاء في “المركزية”:

غداة الحدث الشعبي – السياسي الذي شهدته بكركي السبت، والذي أطلق معركة جديدة سيقودها الصرح، مدعوما من شريحة كبيرة من اللبنانيين من كل المناطق والطوائف، للوصول هذه المرة الى مؤتمر دولي حدد البطريرك مار بشارة بطرس الراعي أهدافه، وأهمّها إعلان لبنان دولة محايدة، والشروع في عملية الاصلاح والانقاذ الاقتصادي ودعم الجيش اللبناني بما يمكّنه من الامساك وحده، ومن دون اي شريك، بمهمة ضبط الامن في البلاد وحماية حدودها وصون استقرارها وبما يعيد قرارَ الحرب والسلم الى كنف الشرعية وحدها، كرر الراعي في عظته امس الاحد شرح مفهوم الحياد والغرض من طلب المعونة من الامم المتحدة.

هذا الموقف يدل الى ان بكركي عقدت العزم على الذهاب حتى النهاية في طرحها هذا، وان لا عودة الى الوراء، وفق ما تقول مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية”. لكن الدرب الى هذا الهدف، لن يكون نزهة. ذلك ان الصرح يواجه لاءات كبيرة، من اهل البيت ومن خارجه في آن. وهي ليست لاءات عادية، تَردّ على الموقف بالموقف وتقارع الحجة بالحجة، بل يُقابل اقتراح الراعي بحملة تخوين وبتهم العمالة، رغم حرص البطريرك على تبديد هواجس القلقين على السيادة ومدّه يده اليهم. في هذه الخانة، يصب بعض ما يكتب في صحف الممانعة تماما كمسيرات الدرّاجات التي جابت الضاحية امس رفضا للمسّ بسلاح حزب الله، كل ذلك على وقع مواقف “فجّة” للمفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان. فهو قال امس ان “الحياد في زمن الاحتلال الإسرائيلي وداعش ليس وطنيا، بل أعتقد أنه ما زال خيانة. كما أن الحياد في زمن حرائق المنطقة واضطراباتها أيضا ليس وطنيا، بل ليس لصالح البلد والسيادة والقرار الوطني”.

في الموازاة، رأى عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله أن “للبطريرك آراءه، ونحن لدينا آراؤنا، هو يرى في التدويل حلا لمشكلة لبنان ونحن نرى في هذا الطرح تعقيدا للمشكلة، لأن ما يهم الدول مصالحها ولها حساباتها، فالولايات المتحدة هي المؤثر الأساسي في الأمم المتحدة، ولا تنظر الى الأمور إلا من زاوية المصالح والأطماع الاسرائيلية. والبطريرك له توصيفه للوقائع والأزمة الحالية وأسبابها وطرق معالجتها ونحن نختلف معه في هذا التوصيف. رأينا ما حلَّ في ليبيا والعراق وسوريا بسبب التدويل فهل حمى المسيحيين، أين هم المسيحيون في هذه الدول؟ فلو لم تدافع عنهم الدولة السورية والمقاومة لما بقي منهم أحد هناك”. وقال امس في حديث تلفزيوني “البطريرك يعبر عن وجهة نظر مجموعة من الناس الذين اجتمعوا عنده بينما هناك فئات واسعة من الشعب اللبناني لا تؤيد وضع لبنان تحت وصاية دولية، ولا أحد يستطيع اختصار الشعب اللبناني بموقفه من أي قضية، فهو يمثل مرجعية لفئة من اللبنانيين وهناك مرجعيات أخرى لها تمثيلها ولكل منها دورها”.

رفضُ المؤتمر الدولي لا يأتي من الحزب فحسب، فحليفه الفريقُ الرئاسي غير متحمس للطرح ايضا. ففيما غابت القاعدة “البرتقالية” “شعبيا” عن تحرك السبت، كانت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر تعلن ان “إعلان لبنان دولة محايدة أمر مفيد وطنياً ويستوجب تحقيق مجموعة شروط من بينها موافقة اللبنانيين عليه وقبول الدول المجاورة بذلك”.. ما يعني ان التيار يقول “لا”، بلطف، لتوجهات الصرح.

هذا الانقسام وفق المصادر، يتهدّد مستقبل “مبادرة” بكركي للانقاذ، التي تتعرض لهجوم مضاد شرس. والمطلوب هنا، اذا كان الراعي يحرص على عدم إجهاضها، خاصة بعد ان رأى حجم التأييد الشعبي لها، ان ينتقل سريعا الى مرحلة وضع الآليات التنفيذية لها. وتجربة قرنة شهوان هنا، مفيدة، تتابع المصادر. فمن الشخصيات التي التفّت حوله في الاسابيع الماضية، من كل الطوائف والمشارب، لا بد للراعي من تشكيل مجموعة تحمل هذا المطلب الى الدبلوماسيين الاجانب في بيروت، وتجول به على العواصم الكبرى شرقا وغربا وتنقله الى الامم المتحدة، لايصال الصوت الى اصحاب القرار على الساحة الدولية، كما فعل البطريرك الراحل مار نصرالله صفير بعد نداء المطارنة الشهير عام 2000. فهل نرى تحرّكا كهذا في قابل الايام خاصة وان انتظار الاجماع المحلي او المبادرات الخارجية سيطول وقد لا يأتي أبدا؟!