عاد رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط لمناسبة ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري بالذاكرة “ستة عشرة عاما الى الوراء، إلى ذاك اليوم المشؤوم الذي حدث فيه الإغتيال، وكيف انطلقنا لاحقاً وكانت شرارة الثورة في ساحة الرابع عشر من آذار، واستمرت، ثم تعثرت”، ولفت الى أنه “بالرغم من أن الإجرام منذ أسبوع قتل لقمان سليم، فإنه على الشباب العربي والأجيال الصاعدة أن تستمر وأن لا تقف أمام حائط الظلام والاغتيال والقمع والأحكام العسكرية، وأن لا ثفقد الأمل، بالرغم من الإجرام الحاصل”.
وفي حديث لتلفزيون “المستقبل”، شدد جنبلاط على أن “مشروع رفيق الحريري أتى مع حلم استنهاض لبنان اقتصاديا وسياسيًا، وكانت رؤيته الى بعيد في ذاك الوقت، وصحيح أننا كنّا نختلف معه أحياناً بعدة محطات، لكنه رأى إلى بعيد بأن يجعل من لبنان قطباً اقتصاديا مهما جداً بعد الحرب، واليوم نرى كيف الأسواق خالية ومعلقة، ونرى أيضا كيف إسرائيل اجتاحت العالم العربي”، وأضاف: “كنا نريد أن تبقى بيروت وتتحصن وتنافس بدون سلم اسرائيل، كما كانت على وشك ان تنافس، لكن اغتيل رفيق الحريري، وصولا الى اغتيال لقمان سليم، وفي الرابع من آب اغتيل مرفأ بيروت واغتيلت معه بيروت”، مذكّرا بأنه كان لدى لبنان مصفاتان للنفط في الزهراني والشمال.
وتابع جنبلاط: “علينا ان لا ننقسم، وأن نستمد بمناسبة اغتيال الحريري قوة ونستمر، ونحن إستمرينا إلى حد ما، وعلى الغير أن يستمر في بلد الجامعات والتنوع والعيش المشترك الحضاري، ولا بد من صيغة سياسية جديدة إذ لا نستطيع أن نستمر في الصيغة القديمة السياسية. فنحن اليوم أمام حكم عبثي وحاكم مُدمّر، لم يسبق علينا مثل هذا الحكم حتى في تاريخ الحروب الاهلية والجولات العسكرية المتعددة، وحتى مع أيام الشيخ أمين الجميل كان هناك تواصل، وكذلك تحت وطأة الاحتلال الاسرائيلي كنا نستطيع ان نتكلم مع الاخصام للتخفيف من الأضرار، ولكن اليوم نرى اننا لا نستطيع”.
وردا على سؤال حول نصيحة ما يوجهها إلى الرئيس سعد الحريري، قال جنبلاط: “أنا لا أنصح أحداً، والحريري لديه الخبرة والحكمة والقدرة الكافية ليقدّر الظرف ويعلم ما عليه ان يقوم به، وإنني الى جانبه وليس الوقت أن أعطي نصائح”. وتابع “هذا اليوم الذي يذكرني بمحطات عاطفية كثيرة. وأنصح فقط الشيخ بهاء الحريري، أن يعود الى ما كان عليه، فمنذ أن ذهبنا سويًا الى المستشفى لتلقي خبر استشهاد رفيق الحريري وعدنا سويا الى منزلهم في قريطم، وأنا من اعلنت انه تم استشهاد رفيق الحريري وكانت الدمعة في أعيننا، واستنهضنا أنفسنا واستجمعناها، وتحدينا. لذلك اقول له تذكر والدك من أجل ماذا استشهد، ولا تجعل أحد يشق العائلة”.
وحول الاتصال الأخير بينه وبين سعد الحريري، قال جنبلاط: “إن الإتصال الأخير الذي حصل بيني وبين الحريري كان للاطمئنان فقط ولم يكن هناك أي حديث سياسي، وسأتصل فيه بمناسبة 14 شباط”.
وإذ لفت إلى أن “هناك واحداً عبثياً في بعبدا، ميشال عون، يريد الإنتحار، فلينتحر وحده هو والغرف السوداء والصهر الكريم، ويا ليته “كريم””، جدد جنبلاط التأكيد انه “لا بد أن نجد طريقة سياسية دستورية للخروج من هذا المأزق الذي نحن به، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أتى وقال هو ووزير خارجيته “قوموا بالإصلاح الداخلي ونحن جاهزون”، أضعنا الفرصة، أين الإصلاح الداخلي؟ وبعيداً عن التفاصيل، الإصلاح الداخلي يبدأ بموضوع الكهرباء، أيعقل بلد الإشعاع والنور، بلد فيروز وسعيد عقل والبساتنة واليازجي وغيرهم، أن لا يستطيع إصلاح الكهرباء؟ شيء مضحك مبكٍ”.
وأجاب جنبلاط ردا على سؤال: “الرئيس عون موجود، هل يمكن إزالته؟ لا يمكن إزالته. هناك إستحقاقات ما يُسمى بالدستورية، يجب أن نحترم الدستور ولا نريد أن نحطم معه الدستور لأنه حطّمه، ومع الرئيس نبيه بري يجب أن نجد نافذة، ومع القوى المُحبة لهذا البلد، الوطنية والديمقراطية واللبنانية، هناك العديد من القوى، لا بد من أن نجد طريقة سياسية دستورية للخروج من هذا المأزق”.
وحول مبادرة البطريرك مار بشارة الراعي ومطلب عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة، قال جنبلاط: “أنا لا أرى الموضوع عملياً، لا أرى كيف ستقوم الأمم المتحدة بمؤتمر دولي من أجل لبنان. من الأساس قضيتنا مدوّلة إلى حدٍ ما، لنرَ مع الفرنسي ولا ننسى العرب، ولماذا هذا التخلي عن لبنان؟ لا يمكنهم الحكم بالإعدام علينا بهذه الطريقة، ونحن موجودون في الخليج، ومن خلال خير الخليج يعيش البلد، لنبحث عن نافذة، أما القيام بمؤتمرات، فأنا لا أراها خطوة عملانية، ولنرَ أين يوجد أمل من أجل القيام بالإصلاح الداخلي”.
وأشار جنبلاط إلى أن “الشيخ سعد الحريري وضع صيغةً تناسب الجميع، ورَفَض فيها الثلث المعطّل، إنتهينا من هذا الثلث المعطّل الذي عطّل البلاد طيلة 20 عاما، وهو إختار الوزير الدرزي ولست أنا من إخترت، هو سيختاره، وكأن في هذا البلد لم يعد هناك كفاءات من مختلف الطوائف نستطيع أن نختار منها؟”.
وشدد جنبلاط على أن “لا بد من حكم، لا بد من وزارة، لا بد من وزارة عدلية، لا بد من إنتفاضة في القضاء، لا بد من كسر حاجز الخوف، أعلم أن الجريمة التي حصلت (إغتيال لقمان سليم) إستمرار للجرائم السابقة، وقد وضعت الجريمة في خانة موضوع التحقيق في انفجار المرفأ، كلام لقمان سليم حول المرفأ جداً دقيق، وكلامي السابق منذ ثلاثة أشهر عن المرفأ أيضاً جداً دقيق، حول من أتى بنيترات الأمونيوم، التحقيق توقف، وإذا لم يُستمكل التحقيق بغض النظر عن الشكليات، هيئة محاسبة الرؤساء آخر همي، لا بد أن يستمر التحقيق”.
كما إعتبر جنبلاط أن “لا أمل إلّا بحكومة تفك الأسر عن التشكيلات القضائية وغير القضائية، عن الإصلاح، وهذا يحتاج حكومة. نحن نغرق والتيار الوطني الحر مع ميشال عون يغرّقنا، إذا كانوا هم يريدون الإنتحار فلينتحروا وحدهم، لماذا يريدون نحر كل البلد؟ لكن بعيدا عن النقاشات الجانبية، في يوم الذكرى الذي يحمل في طياته ذكريات وعواطف وأمل كبير”.
على خطٍ آخر، وفي موضع كورونا رأى جنبلاط أنه “جيد ما قامت به الوزارة، لقد قامت بإنجاز كبير واللقاح بات على الطريق، أهم شيء أن نستفيد من هذه الفرصة وأن يتناول أكبر عدد من اللبنانيين اللقاح، أذكر أن المساعدات التي إستفادت منها الوزارة آنذاك وتوزعت على المستشفيات، هذه المساعدات التي وصلت بعد إنفجار المرفأ، المساعدات ذهبت اليوم ولم يبقَ منها شيئا، لا بد من جهد ذاتي من أجل الإستمرار في معركة كورونا الوجودية، ويجب أن ننتبه من السباق العالمي حول اللقاح، أي نوع من اللقاح يُستقدم، أهلاً وسهلاً، ليتم تطعيم على الأقل 6 مليون بشري، دون أن ننسى أن هناك المواطن اللاجئ السوري والمواطن اللاجئ الفلسطيني، إذا نحن تطعّمنا يجب أن يُطعم الغير، ومن هنا وحتى نهاية العام يجب أن يكون الهدف تطعيم جميع المقيمين على الأراضي اللبنانية”.
وختم جنبلاط مؤكدا أنه “من اغتيال رفيق الحريري إلى بالأمس لقمان سليم، مروراً بالكثير من المثقفين والصحافيين والساسة والمفكرين، لن يقتلوا فينا الأمل بالمستقبل، لن يقتلوا فكرة لبنان التنوع، فكرة لبنان التي بدأت بالتنوع من القرن التاسع عشر حينما وصلت أول إرسالية إلى لبنان، وهي الجامعة الأميركية، الإرسالية الإنجيلية آنذاك التي أصبحت في ما بعد الجامعة اللبنانية السورية ثم اليسوعية، لن يقتلوا فينا لبنان. الظرف قاسٍ جدا لكن لن يقلتونا ولن يقتلوا فينا فكرة الأمل”.