كتب منير الربيع في “المدن”:
ثمة أمور تتغير. وتظهر ظلال إيجابية في عملية تشكيل حكومة. موقف جديد للرئيس نبيه بري، أكد فيه استمراره في مبادرته، وما كان ليطلقه لو لم تتوفر لديه مؤشرات على احتمال الوصول إلى حلّ. وتفيد بعض التقديرات المحلية والخارجية أن عملية التشكيل قد تنجز في شهر آذار المقبل.
موقف ملتبس من الاغتيال
وهناك إشارات متبادلة لا بد من رصدها وانتظار بلورتها بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران: فالبيانات والمواقف الأميركية التي نددت بجريمة اغتيال لقمان سليم، لم تتضمن موقفاً حاسماً أو واضحاً، لا من السفيرة الأميركية في بيروت ولا من وزير الخارجية. فالإدانة الأميركية لم تتهم أي جهة بعملية الاغتيال. ومضمون كلام السفيرة في بيروت لم يشبه كلامها أيام إدارة دونالد ترامب. وهذه مؤشرات تفيد بأن جانباً من السياسة الأميركية بدأ يتغير.
ولم تستخدم الجريمة في عملية الضغط على حزب الله، كما كان يحصل أميركياً في السابق. وأسلوب التعاطي مع الجريمة لا يبدو أنه سيطيل التركيز السياسي عليها. وهناك من يستمر في تذكر الجريمة ليومين أو ثلاثة، ليعود بعدها الجميع إلى اللعبة السياسية التقليدية.
طهران مرتاحة
في المقابل، يستمر التواصل الأميركي – الفرنسي في سبيل إنجاز تسوية في لبنان: الرئيس إيمانويل ماكرون يسعى بكل جهده إلى إنقاذ مبادرته وحفظ ماء وجهه بشتى الطرق. والسبيل الوحيد لذلك، هو تشكيل حكومة، بأي ثمن وبصرف النظر عن المعايير المعلنة سابقاً.
والاتصالات مفتوحة بين باريس وطهران، وأيضاً بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران. والجهات الدولية التي تواصلت مع مسؤولين إيرانيين في الأيام الماضية، توجهت إليهم بالسؤال حول رؤيتهم للمرحلة المقبلة وإمكان التعاون مع إدارة بايدن. وأجاب الإيرانيون بأنهم مستعدون وينتظرون أفعالاً من الأميركيين. وتلك الأفعال لا بد لها أن تظهر في اليمن بإزالة الحوثيين عن لائحة الإرهاب، ووقف دعم العمليات العسكرية السعودية هناك. والأفعال الأميركية لا بد أن ترتبط بأفعال أخرى. وإيران مرتاحة لوضعها في لبنان، وكذلك حلفاؤها.
وهذه المؤشرات كلها يبني عليها كثرة من اللبنانيين تصورات حول زيادة منسوب الضغط الدولي في سبيل تشكيل الحكومة.
عون والوزارات الأربع
ولكن السؤال الأساسي هو: من الذي يقدّم التنازل في لبنان؟ التجربة أثبتت أن عون لا يقدم على أي تنازل، مهما اشتدت الضغوط. التنازل الوحيد كان قدّمه في مؤتمر الدوحة عام 2008، حين أرجأ الترشح لرئاسة الجمهورية.
والمخرج، مدار البحث، محوره اقتراح فرنسي يولي أهمية كبرى لوزارات أربع في الحكومة العتيدة: المالية، الاتصالات، الاقتصاد، والطاقة. وهذه وزارات أساسية في مواردها المالية، ولا بد من الاهتمام الدولي بها. ويقال إن وزارتين منها تؤول إلى مسيحيين وتحاول فرنسا أن تقترح إسميهما. وبذلك لا يحصل عون على الثلث المعطل. لكن بعض المعلومات تفيد بأن الضغط سيشتد على عون ليتخلى عن الثلث المعطل، مقابل إرضائه بتوسيع الحكومة إلى عشرين وزيراً، شرط ألا يسمي الوزراء المسيحيين.