كتبت “المركزية”:
تؤكد اوساط دبلوماسية غربية ان المنحى العام في المنطقة هو لـ”اللاحرب”. وتوضح ان الجانب الايراني يهول منذ الان لترهيب الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن بقصد الحصول على مكاسب وتنازلات اميركية. فلا حرب في المنطقة بل ميني مواجهات. إذ ان هناك اتجاها لوضع المنطقة تحت مناخ التوتر والضغط عبر عمليات عسكرية وامنية تفرض واقعاً جديداً لا يمكن لجو بايدن تجاهله فور دخوله البيت الابيض بل يفرض عليه ويستعجل الحل والتفاوض مع ايران.
وتنقل اوساط سياسية عن مسؤولين امنيين غربيين تخوفهم من “حدث كبير” في المنطقة. وتعتبر ان رفع ايران سقف خطابها السياسي في الاونة الاخيرة لاسيما عبر حزب الله قبل وصول بايدن الى البيت الابيض ما هو الا الرد على ما يتردد عن ان الرئيس الاميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب ربما اقدم قبل مغادرته البيت الابيض على “حدث كبير” يضع بايدن امام امر واقع جديد يمنعه من الخروج عن السياسة التي اعتمدها في المنطقة، متجاهلة ان السياسة الاميركية لا يرسمها شخص بل ادارة.
العميد المتقاعد الدكتور هشام جابر يؤكد لـ”المركزية” “ان ايران ترفع سقف التصعيد وتقوم بمناورات في رسالة لأميركا ان في حال بادرت الى توجيه ضربة، فإن ايران جاهزة للرد، وقد رفعت السقف أيضاً من خلال رفع التخصيب، وهذا الامر صدر بقرار من مجلس الشورى الايراني وطبقته الحكومة قبل وصول بايدن الى الحكم ومناقشته للاتفاق النووي وطلب تعديله. إذ هناك بند في الاتفاقية يسمح لها برفع التخصيب 20 في المئة في حال عدم التزام الافرقاء به. فايران أعلنت من جهتها الالتزام بالاتفاق النووي، انما اميركا انسحبت منه واوروبا لم تلتزم به وخضعت للضغط الاميركي وبالتالي استمرت العقوبات على ايران”، جازماً “ان ايران لن تشعل الحرب إطلاقاً، وتسعى الى تجنبها خاصة في هذين الاسبوعين المتبقيين لتسلم بايدن، لأنها تعدّ الوقت بالدقائق كي يرحل ترامب وتنتهي من هذا التهديد”.
اما من الجانب الاميركي، فرأى جابر ان الرئيس ترامب يريد شن حرب على ايران، لسببين، اولاً أنه منذ البداية كان يخطط لحرب وقد ذكرت ذلك الـ”نيويورك تايمز” وغيرها ولكن مستشاريه حذروه من تداعياتها الخطيرة على الجنود الاميركيين”، لافتاً الى “ان التصاريح الاميركية والايرانية متشابهة وقد اعرب الجانبان عن عدم رغبتهما في شن حرب إنما سيردان “بقسوة” في حال كان الطرف الآخر هو البادئ في العدوان”.
واعتبر جابر “ان في حال حصول اي شرارة حرب في مكان ما او اعتداء على جنود اميركيين في الخليج او في العراق، في هذه الفترة المتبقية، فإن ترامب سيجدها حجة لشن ضربة عسكرية على ايران. من جهتها ايران حريصة الا يحصل هذا الامر، واكبر دليل ان ايران ظلت صامتة عندما كانت تسقط الصواريخ على السفارة الاميركية في بغداد، ما عدا الضربة التي حصلت منذ ثلاثة اسابيع حيث استنكرت ايران اطلاق الصواريخ واعتبرته عملا مشبوه يمكن ان يؤدي الى حرب”، مؤكداً “ان لا حرب مبدئيا الا اذا قام فريق ثالث غير الايراني والاميركي، ربما اسرائيل او فريق ثالث له مصلحة في الحرب، بخلق شرارة ضد الاميركيين في المنطقة وقتل جنود اميركيين”.
وكشف جابر “ان احتمال الحرب كان وارداً منذ يومين، وقد خف اليوم. ويجزم المراقبون ان ترامب مهووس بالسلطة، والحل الوحيد الذي يجعله يبقى على الكرسي الرئاسي في البيت الابيض هو ان يشعل حرب بطريقة او بأخرى مع ايران. وبحسب الدستور الاميركي، فإن الرئيس لا يسلم السلطة في حال الحرب، اي أنه في حال وقعت حرب قبل 20 الجاري، يبقى الرئيس في السلطة حتى انتهائها. هذه النقطة حولها جدل، وعلى الرئيس ان يبرر سبب شن الحرب: هل قتل اميركيون مثلا؟ هل تهدد الامن القومي الاميركي؟ لا حجة، هل تم ضرب اراضي الولايات المتحدة؟ بالطبع ايران لن تضربها. لكن ترامب هدد بإشعال الحرب ضد ايران في حال قتل اي جندي اميركي من خلال الاعتداء على اي اسطول او سفينة اميركية في الخليج او على السفارة الاميركية في بغداد مثلاً، لأنه يعتبر ان ايران وراءها. لذلك، مبدئياً ما زال امام ترامب 11 يوما، اذا حصلت شرارة واشعلت الحرب، يتحجج ان يعلن الحرب ويؤخر التسليم”. “لكن السؤال المطروح، هل يتجرأ ترامب على شن حرب، بعد ان “تبهدل” امس من قبل كل زعماء العالم وحتى ان حلفاءه انتقدوه بشكل مباشر او غير مباشر، واعتبروا ان ما قام به غير ديمقراطي وخرق فظيع في تاريخ اميركا. اشك في ذلك، خاصة وانه صدرت اليوم اشارات وتصريحات منه بأنه اعترف بالهزيمة وانه سيسلم السلطة رغم انه لا يعترف بنتيجة الانتخابات. يعترف ام لا يعترف لا يهم، المهم ان يسلم السلطة. من المؤكد ان بايدن لن يشعل الحرب عندما يستلم السلطة، كما ان ليس لايران مصلحة في اشعال الحرب، إنما من المرجح حصول حروب صغيرة لأن هذه الحروب بالوكالة هي التي تحقق السياسة المرجوة دون الدخول في حرب اقليمية او حتى اوسع من ذلك”.