كتبت أنديرا مطر في “القبس”:
كارثة انفجار مرفأ بيروت الناجمة عن «قنبلة شبه نووية صغيرة» مسحت معالم نصف العاصمة، لا تزال تطرح تساؤلات عديدة قد لا يكون لها اجابات في التحقيق الذي تجريه السلطات اللبنانية التي يسيطر عليها حزب الله، وسط تشكيك باستقلالية القضاء المحلي.
وهذه التساؤلات تتعلق بتخزين مادة نيترات الأمونيوم لسنوات، ولماذا تم تفريغها أصلا من السفينة؟ ولمصلحة من؟ وهل حقا كانت 2700 طن أم سحبت كميات منها؟ فبعد انقضاء اكثر من أسبوعين، لا يزال اهل الضحايا واللبنانيون بسوادهم الأعظم، ينتظرون معرفة الحقيقة.
ونظرا لحجم الخسائر طالبت بعض القوى بتحقيق دولي شفاف، وكذلك طالب خبراء أمميون بإجراء تحقيق مستقل وسريع، معربين عن قلقهم من ثقافة «الإفلات من العقاب» السائدة، ودعوا في خطوة نادرة، مجلس حقوق الإنسان إلى اجتماع خاص بهذا الشأن.
وبينما يعارض فريق رئيس الجمهورية وحزب الله اجراء تحقيق دولي مؤكدين أن المحقق العدلي القاضي فادي صوان لديه صلاحية شاملة في هذا الملف.كشف الصحافي يوسف دياب الخبير في الشؤون القضائية، لـ القبس، عن مسارين تسلكهما التحقيقات: القضاء اللبناني، والمحققين الدوليين.
ويقول دياب ان المحقق العدلي فادي صوان بدأ عمله والاستجوابات اقتصرت حتى الان على 4 اشخاص صدرت بحقهم مذكرات توقيف، هم مدير عام الجمارك بدري ضاهر، ومدير عام المرفأ حسن قريطم، وموظفين هما مدير دائرة المانيفست نعمة البراكس، والموظف جوني جرجس.
ووفق دياب فإن المسار لأول الذي يركز عليه القضاء اللبناني بشكل أساسي هو موضوع الإهمال والتقصير.
فكل التقارير والمراسلات بين الأجهزة الرسمية أشارت الى خطورة المواد المخزنة في المرفأ منذ عام 2014، واعتبارها قنبلة موقوتة يجب التخلص منها.
ولكن كل المراسلات تم اهمالها بشكل متعمد قادة الأجهزة الأمنية والقضائية إلى اعلى الهرم الرئاسي.
اما المسار الثاني والذي يعمل عليه الخبراء الدوليون خصوصا الفرنسيين وعناصر «أف بي أي»، فيركز على الأسباب الموضوعية لحصول الانفجار: ما الذي أدى الى تفجير هذه المواد، هل هو خطأ تقني أو فني أو حريق أوصل الى هذه الكارثة؟
ويشير دياب الى أن كل الخبراء يجمعون على أنه لا يمكن لحريق، حتى لو تسرب الى العنبر رقم 12 حيث المواد المخزنة ان يؤدي الى التفجير.
اذا لا بد من وجود عامل أقوى، وهنا تطرح عدة فرضيات: اما استهداف خارجي، واما عمل أمني مفتعل قد تكون عبوة جرى تفجيرها بمؤقت أو عن بعد،. وفق دياب، لم تعد فرضية العمل التخريبي مجرد تكهنات، وانما تعززت بمعطيات تحتاج بعض الوقت لتثبيتها. وفق معلومات استحصل عليها دياب من اشخاص شاركوا في التحقيقات الأولية، فإنه لا وجود لعامل الصدفة لان انفجار المواد المخزنة يتطلب حرارة فوق الـ280 درجة مئوية للمواد التي اشتعلت في المستودع الذي يحوي الامونيوم، وهذا لم يحصل.
صحيح ان حريقا شب خارج العنبر، ولكن تمدد النيران الى داخل العنبر قد يكون حصل عبر فتيل موصول بصاعق او عبر قنبلة، ما يرجح فرضية العمل الامني المفتعل.
ولأن التحقيق في انفجار بهذا الحجم يفترض التعامل مع كل الفرضيات، لا تلغي التحقيقات احتمال التفجير من الجو، ولو ان «فرصه قليلة» اذ ان الصور التي جمعت حتى الآن لم تظهر عملا جويا، وقد طلب مدعي عام التمييز غسان عويدات صور الأقمار الصناعية المتوافرة لمنطقة المرفأ ولم يتسلمها بعد لقطع الشك باليقين.
علما بان مصادر قضائية كانت كشفت ان نتائج فحص عينات التربة في المرفأ أظهرت عدم وجود آثار لاستهداف صاروخي. ولم ينف دياب ما تردد بأن عناصر مدنية دخلت الى منطقة الانفجار بهيئة عمال إغاثة للعبث بمسرح الجريمة.