قبل يوم من انعقاد اللقاء الوطني المالي، الذي دعا إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، عُلم أنّ رؤساء الكتل النيابية المعارضة، إضافة الى رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجية، لن يشاركوا في هذا الإجتماع، ولم يكن رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أبلغ الى دوائر القصر حسمه مشاركته شخصياً، الأمر الذي اعتبرته جهات عدّة، فشلاً مسبقاً للقاء، الذي لن يكون إلّا حواراً بين قوى 8 آذار حول خطة الحكومة، التي ألّفتها هذه القوى، أيّ “لزوم ما لا يلزم”.
على رغم من ذلك، أصرّ عون على أنّ الدعوات الموجّهة الى رؤساء الكتل النيابية والأحزاب شخصية، ورفضَ حضور ممثلين عن أيّ منهم، ولم يُلغِ اللقاء بسبب فقدانه للرأي الآخر المعارض، وبالتالي انتفاء إمكانية تحقيقه إجماعاً أو تحصيناً وطنياً للخطة ولعمل العهد والحكومة في هذا الإطار، أقلّه شكلاً.
أصرّ عون على أن تكون الدعوة شخصية الى الإجتماع في القصر الجمهوري في بعبدا الأربعاء الماضي، الذي خُصِّص لعرض خطة الحكومة المالية – الإقتصادية وإبداء ملاحظات الأفرقاء عليها، لأنّ موضوع اللقاء مهمٌ وخطيرٌ ويتعلّق بمستقبل لبنان ويتطلّب معالجة على مستوى القيادات، وهذا الأمر لا يعني انتقاصاً من قيمة الآخرين، حسبما تقول مصادر بعبدا.
ويرى عون، أنّ موضوعاً بهذه الأهمية والدقّة والخطورة يستوجب لقاءً وطنياً. ويعتبر قريبون منه، أنّ منطق مقاطعة إجتماع دعا اليه رئيس الجمهورية، للبحث في مستقبل لبنان، ليس وطنياً.
وفي حين أنّ لمقاطعة البعض خلفيات وأسباباً سياسية، تقول مصادر بعبدا، إنّ الرئيس لم يدعُهم الى “حفلة كوكتيل” بل للنقاش في قضية وطنية خطيرة، لدرجة أنّ البلد يحترق إقتصادياً ومالياً، والإنهيار يقرع الأبواب، وكان من المُفترض بهم أن يتحمّلوا مسؤولياتهم، فمشاركتهم لا تعني أنّهم أصبحوا موالاة أو أنّهم يؤيدون خطة الحكومة.
ولم يلغِ عون الإجتماع لأنّه “يحترم الذين دعاهم، وهم رؤساء الكتل النيابية ولهم وزنهم الوطني والسياسي”. وتقول مصادر بعبدا، إنّه: “لا يُمكن إلغاء أو تأجيل إجتماع بهذه الأهمية بسبب مقاطعة البعض، فضلاً عن أنّ هذا الإلغاء يعني أنّ الرئيس أعطى حق الفيتو لطرف سياسي وحرم الذين أبدوا استعدادهم للحضور من عرض ملاحظاتهم”، لافتةً الى أنّ تيار “المستقبل” فقط قاطع الإجتماع، فيما بقية الأفرقاء تغيّبوا بسبب رفض القصر القبول بحضور ممثلين عنهم، وهناك فارق بين المقاطعة والغياب”.
وعن جدوى الإجتماع، تقول المصادر، إنّ “ملاحظات الحاضرين جميعاً ستكون موضع درس، وهي مهّدت للنقاش في مجلس النواب. إذ إنّ رؤساء الكتل سيعطون توجيهاتهم الى النواب في هذا الإطار، وذلك بعد إطلاعهم على تفاصيل الخطة، حسب مصادر مواكبة للإجتماع”.
وتشير الى أهمية المصارحة الكاملة والواضحة التي جرت خلال لقاء بعبدا، والى أنّ عرض وزير المال الدكتور غازي وزنة كان شاملاً ولم يخف شيئاً، إن في موضوع الدولار أو الموجودات أو غيرها.
ويعتبر عون، أنّه فعل ما تمليه مصلحة البلد، بنيّة تنفيذ الخطة التي لاقت أصداء أولية إيجابية لدى المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية، سواء البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي. وتبلّغ عون أنّ الأصداء الدولية مشجعة، إذ إنّ الخارج يعتبر أنّ هناك خطة فعلية فيما أنّ ما كان مطروحاً سابقاً لم يكُن سوى أفكار مبعثرة. هذا الخارج يرهن جدوى الخطة بشرط التنفيذ، وهذا الموقف يتماهى مع رؤية عون الذي يعتبر أنّ “العِبرة في التنفيذ أمر طبيعي وبديهي، وهذا الذي يعمل عليه، ولقاء بعبدا أتى في هذا الإطار”.
على مستوى الحضور، لم يشهد لقاء بعبدا، على غرار لقاءات حوار وطنية أخرى، حوارات أو مناقشات “غرام وانتقام”، بل إنّ المشاركين “مارسوا الواقعية”، حسبما تقول مصادر مطّلعة على الإجتماع. وترى أنّ “مجرد حصول اللقاء يعني أنّ هؤلاء الأفرقاء يتحمّلون مسؤولياتهم، وحين يستدعي الواجب أو الوضع الوطني، يحيّدون خلافاتهم وآراءهم ويجلسون الى طاولة واحدة”.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.
المصدر:”الجمهورية”