في مكان ما، كان وباء كورونا مفيداً للحكومة، اولاً اعطاها مهلاً وفترة سماح طويلة نسبياً أمام الشارع المعترض، المنتفض منه وغير المنتفض، في ظل حظر التجول والمخاوف الصحية، وثانياً زاد من شعبيتها بسرعة نسبية ايضاً في ظل نجاحها في التعاطي مع الوباء، لكن هذه الفرصة الكورونية مشروطة.
شروط استفادة الحكومة من الفرصة، تكمن في اتمام خطة مالية واقتصادية مقنعة للرأي العام، والحديث هنا ليس عن الشعبوية، بل عن خطوات حقيقية تقنع العامة وتجعل الفرصة تمتد الى ما بعد بعد كورونا.
هناك من يسوّق الى أن الشارع سينفجر مجدداً بعد السيطرة على كورونا، لكن الامر ليس حتمياً. فالانفجار بهذا المعنى بحاجة الى لحظة تاريخية لا تأتي كل يوم وقد اتت في 17 تشرين، لذلك فإن رهان الحراك مجدداً ليس منطقياً لأسباب اخرى ايضاً اهمها أن بعض القوى حسمت موقفها ضد الحراك ولن يأخذ من جمهورها أي دعم في ايامه الاولى ليشكل كرة الثلج المنتظرة. كما أن الناس بعد كورونا، وتحديداً الفقراء لن يكونوا يمتلكون ترف التظاهر وترف تأييد قطع الطرقات وغيرها من التحركات الاحتجاجية، اقله لأشهر بعد كورونا.
لكن استبعاد الحراك لا يعني أن الفرصة سارية، يكفي أن تسقط الحكومة في فخ التخبط لتفقد الثقة المحتملة من الناس وتصبح خطواتها مادة للسخرية. هنا تنتهي الفرصة.
في الجانب السياسي يبدو من يريد للحكومة أن تسقط قبل ذلك، واذا كانت المعارضة تقوم بحقها وواجبها في هذا الشأن فإن من شكّل الحكومة يطلقون النار على اقدامهم.
تحدث امس نائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم مؤكداً ان الحزب سيدعم الحكومة بكل ما يملك من قوة، “وهذا واجبه وواجب كل من تتشكل منه الحكومة”، غامزاً من اداء حلفائه الذين يسعون، وفق مصادر مقربة، الى انهاء عمل هذه الحكومة باكراً وتفريغ مضمون خططتها.
وترى المصادر أن بعض اطراف الحكومة لا يرغبون بها، وهم قبلوا بها للضرورة، لكن في المقابل لن يقبلوا بأمرين، الاول أن تنجز الحكومة في الوقت التي تحاول اظهار فيه نفسها انها مستقلة عن القوى السياسية، والثانية أن تذهب الى قرارات تضر نفوذهم ومكتسباتهم في الدولة العميقة.
وتعتبر المصادر أن ما حصل في التعيينات المالية والقضائية وكذلك ما يحصل في الخطة المالية والهيركات وما حصل في الكابيتال كورنتول يوحي بأن الحكومة تكاد تفشل، وتصل الى نهاية طريقها ولن تستطيع في حال سقوط خطتها، جيدة كانت ام سيئة، تقديم أي مشروع الا مشاريع توافق عليها السلطة القديمة. لكن هل يقبل “حزب الله” بهذا السقوط لحكومته؟
استناداً الى حديث قاسم امس، يبدو أن الحزب سيلعب دورا جدياً في حل الخلافات وتدوير الزوايا، لكنه في الوقت نفسه سيضع طوق نجاته أمام الملأ، اذ سيعلن عن خطته الاقتصادية والمالية والاصلاحية امام الرأي العام بعد طرح الحكومة لخطتها، وهو بذلك يضع مشروعه ورؤيته للتداول بين الاقتصاديين والناس ليصبح بمعزل عن اي خطأ تقوم به الحكومة.
لكن الحزب، وفق المصادر نفسها، لن يقبل سقوط الحكومة بالمعنى الدستوري، فهي تحسن وضعه التفاوضي مع الاميركيين وتعطيه قوة لم يكن يمتلكها وقت الفراغ، وفي الوقت نفسه سيسعى مع كل سقوط لبند من بنود الخطة الى استبداله ببند من بنود خطته.
في المحصلة، نحن. امام فرصة اخيرة للحكومة ولـ”حزب الله” من اجل تأمين المناخ السياسي للعمل على بعض الاصلاحات وبعض الخطوات التي ترضي الرأي العام وتزيد الثقة بالحكومة، وبعدها سنعود للمراوحة بانتظار الحل السياسي الآتي بعد كورونا، وبعد الانتخابات الاميركية التي ولسوء حظنا بدأ الحديث عن تأجيلها…
المصدر:”لبنان24″