دياب ليس ضعيفاً… هل يرمي كرة النار في وجه الجميع؟

تحت عنوان ” الخصوم والحلفاء ينتقدون… ودياب قد يرمي “كرة النار” في وجه الجميع” كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن” مجموعة أسباب تكمن خلف الهجوم الذي تتعرض له الحكومة: أسباب ذاتية وبعضها شخصية وأخرى سياسية.

يأتي في الأسباب السياسية ان لا مصلحة للكثيرين من الطبقة السياسية بنجاح هذه الحكومة لكون نجاحها يأتي بمثابة تأكيد نجاح استبعادهم وديمومة غربتهم السياسية حيث هم. وفي الأسباب الذاتية خشيتهم من أن تمتد يد الحكومة الى مراكز حضورهم التي بنوها داخل وظائف الدولة، عند تطبيق اي خطة جدية على مستوى الإصلاح. أما في الاسباب الشخصية فهي مصالحهم الشخصية التي باتت مهددة بالفعل ولأول مرة ما يجعل إماراتهم المالية ونفوذهم مهددين أكثر من اي وقت مضى. فما يزعجهم في حكومة دياب هو المطالبة بالتدقيق في حساباتهم. لعل الموضوع أكثر جدية هذه المرة. حيث تفيد المعلومات ان شركة تدقيق مالية عالمية متخصصة يجري التفاوض معها لتكليفها في عملية التدقيق بحسابات مصرف لبنان منذ العام 2000 حتى اليوم، وفي الاموال التي هرّبت الى الخارج بعد السابع عشر من تشرين الأول. سبب آخر إضافي وربما أساسي، وهو المعركة التي يخوضها الآخرون ضد رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل اعتقاداً منهم أنه الأكثر تأثيراً على رئيس الحكومة.

فهل أصبحت حكومة حسان دياب حكومة الامر الواقع حتى بالنسبة إلى الأحزاب السياسية الداعمة لها، بحيث انها لا تستطيع الخروج منها او تراها تحقق المكاسب؟

يرى قريبون ان حسان دياب ليس ضعيفاً كما يعتقده الكثيرون، وقوته تنبع من عدم وجود نسخة ثانية عنه في الوقت الحاضر ومن سيخلفه سيرفع سقف شروطه أكثر. ويضيفون: “يأتي في الوقائع أن “حزب الله” لن يدع هذه الحكومة تسقط، ويدعمها الى جانب رئيس الجمهورية، مظلة إقليمية ودولية خلافاً لما يعتقده البعض. 

ثمة تغيير في التعاطي مع الواقع اللبناني سيتبلور قريباً، فالاميركي مثلاً لم يعد متمسكاً بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ولم يعد يرى ان الاستغناء عنه مستحيل. الأقرب اليهم وحليفهم في المرحلة المقبلة هو نائب الحاكم السابق محمد بعاصيري، الذي سيعين رئيساً للجنة الرقابة على المصارف، من دون ان يعني ذلك اعادة تعيين الاعضاء القدامى ذاتهم وهذا سبب اضافي للهجوم على الحكومة من بعض الأطراف المشاركة فيها”.

تؤكد أوساط رئيس الحكومة أن ما نشر ليس الا مسوّدة لخطة لم تنجز بعد ويلزمها تشريعات ومسار طويل كي تصبح جاهزة. كل ما حصل ان شركة “لازارد” التي حضرت للتفاوض مع حاملي سندات اليوروبوندز طرحت بعض الأفكار. تجزم الاوساط ان “مسألتي الهيركات والكابيتول كونترول غير واردتين وان الخطة الاقتصادية، اي خطة اقتصادية، يلزمها مشروع قانون وتشريعات لم يتم الإتفاق بشأنها بعد”.

وتشرح: “كان من بين الأفكار المتداولة فرض ضريبة على الفوائد التي منحت في السابق واستفاد منها كبار المودعين، او ان يعطى هؤلاء اسهماً في شركات مربحة كشركة ايدال أو الميدل إيست أو اسهماً في المصارف“.

تدرج الأوساط الهجوم على الحكومة في اطار المزايدات السياسية التي يسعى من خلالها البعض الى اعادة شد عصب جمهوره، لكن التاريخ يسير الى الأمام ولن يقف عند حد ما يسعون اليه. نجاح الحكومة باستعادة شكل من أشكال الثقة بالدولة خاصة في خضم مواجهة أزمة كورونا، جعل السياسيين يرون ان النموذج المعتمد مع رئيس الحكومة الحالي يدمّر نموذجهم في الدولة والذي هو نموذج تقليدي ضربته الحكومة من خلال امتحان الكورونا الذي واجهته، جازمة ان لا “هيركات ولا كابيتول كونترول”. وترى الاوساط أن “مشكلة المودعين في أن الدولة صرفت اموالهم على أساس التعويض عليهم من اموال “سيدر” التي تأخرت او تبخرت فيما تمّ تهريب الاموال من قبل بعض السياسيين. وهناك خطط إقتصادية يلزمها ما يزيد على سنة كي تصبح جاهزة، فيما المطلوب من حكومته انجاز خطتها في خلال فترة لا تزيد على خمسة أشهر.

يبذل رئيس الحكومة قصارى جهده وفي نهاية المطاف ستكون هناك خطة، لكن الخوف ان القوى السياسية نفسها التي حاولت عرقلة التعيينات لن ترضى بخطة تتضمن اقفال صناديق وتغيير موظفين هنا وهناك”. وليس همّ دياب في خصوم حكومته من السياسيين إذ ان الجزء الآخر من همه داخلي متأت من وزراء لم ينجزوا خططاً لوزاراتهم بعد، فيما آخرون تربطهم علاقات مع المصارف.

في اللحظة المناسبة سوف يرمي رئيس الحكومة كرة النار في وجه الجميع واضعاً كل طرف امام مسؤولياته. قد يحصل مثل هذا الامر لكن ليس في زمن “كورونا” بالتأكيد، لان رئيس الحكومة بحسب المقربين “لا يتهرب من مسؤولياته”، لكن في حال رأى ان مهمته ستكون مستحيلة فسيصارح الناس بكل ما يواجهه.

المصدر:”لبنان 24″