بعد أيام على تأجيل الانتخابات البلدية التي مدّدت لمجالس تتولاها شخصيات كبيرة في السن، تقدم النائب إلياس جرادي باقتراح قانون معجل مكرر لتحديد سن أقصى لمتولي الخدمة العامة، بحيث لا يتجاوز الـ74 عاماً.
ويلفت جرادي إلى أنّ اقتراحه انطلق من أسباب عدّة، أهمّها أنّ المجتمع اللبناني فتي، ويفترض أن يكون مسؤولوه كذلك، إضافة إلى أن القدرات الذهنية والجسدية لأي شخص تتراجع مع تقدّم العمر، وهو ما استند إليه في الاقتراح معتمداً على ما أعلنته منظمة الصحة العالمية بأن مرحلة الكهولة تبدأ من عمر الـ75 عاماً.
ويشرح لـ”الشرق الأوسط”، “المجتمع اللبناني شبابي بامتياز، لكن المشكلة تكمن في أن نسبة كبيرة من هؤلاء الشباب اختاروا الهجرة بحثاً عن مستقبل أفضل، وبالتالي علينا تشجيعهم على البقاء في لبنان عبر توفير ما أمكن من الفرص لهم، وأهمها تلك المرتبطة بالخدمة العامة”.
ويشير جرادي أيضاً إلى عامل أساسي فرض نفسه في السنوات الأخيرة، وهو التكنولوجيا التي لا قدرة لكبار السن على التماهي معها، وتحتاج إلى الجهود الشبابية.
ويربط جرادي، الذي يؤكد دعم عدد من نواب المعارضة لاقتراحه، بين الواقع اللبناني وما حصل قبل أيام مع إرجاء الانتخابات البلدية، ويقول “المشهد الذي شهدناه قبل يومين في البرلمان مع تأجيل الانتخابات النيابية يشكل استفزازاً بحد ذاته”.
وأضاف، “البلديات عمل تنموي وليس سياسياً، وكان يفترض أن تكون فرصة للشباب للانخراط فيها بعدما حوّلوا المجتمع إلى مجتمع كهل”.
ولفت إلى أنّ “إلى أن عدداً كبيراً من البلديات في لبنان في هذه المرحلة لا تعمل، إما بسبب الكهولة، أو بسبب الوفاة، ومذكراً بأن الأعراف في لبنان جعلت المجالس البلدية والاختيارية مرتبطة بكبار السن، وهو ما يجب العمل لتغييره”.
وجاء في اقتراح جرادي أنّه “يشترط في كل من يؤدي خدمة عامة، سواء أكان معيناً أم منتخباً، دائماً أم مؤقتاً، مدفوع الأجر أم غير مدفوع الأجر، في أي شخص من أشخاص القانون العام، على المستويين المركزي واللامركزي، ألا يزيد عمره عن 74 عاماً، وتعد ولايته أو خدماته منتهية حكماً ببلوغه هذه السن ما لم تحدد النصوص النافذة سناً أدنى فتطبق عندئذ السنّ الأدنى دون سواها”.
وعلّل جرادي “الأسباب الموجبة لهذا الاقتراح بأن تولي الخدمة العامة يحتاج إلى حد أدنى من الرشاقة والقدرة على القيام بأعبائها ومواكبة التطورات التقنية والتكنولوجية بما ينعكس إيجاباً على المصلحة العامة، كما أن تحديد سن أقصى لتولي الخدمة العامة، أسوة بسن التقاعد في الوظائف العامة، يبقى أولاً وأخيراً حقاً من حقوق الإنسان على اعتبار أنه محطة للراحة بعد إفناء سني العمر في خدمة المجتمع”.
وأشار في الوقت عينه إلى أنّ “الملاحظ أن القائمين بالخدمة العامة لدى أشخاص القانون العام، لا سيما على مستوى الهيئات المحلية المنتخبة في البلديات والمجالس الاختيارية، باتوا ينتمون إلى أكثر الفئات كهولة على حساب عنصر الشباب الذي بإمكانه الارتقاء بالخدمة العامة إلى مستوى التطلعات”.