عم بشحد حبة الدوا.. وإذا بدو يكون حقا مليونين بلاها بموت وما بخلّي ولادي يتديّنو” صرخةٌ أطلقها وليد من على باب إحدى الصيدليات، وهو يفتش عن دواءٍ مقطوع أو سعره غالٍ جداً”.
فمع تفاقم الأزمة الإقتصادية في لبنان، كان قطاع الدواء أو الصيدلاني، هو الخاسر والمتضرر الأكبر، ومعه صحة المواطن، التي باتت يوماً بعد يوم مهددة. فتهريب الدواء المدعوم، كان واحداً من أبرز أسباب هذه الأزمة، نظراً لعدم قدرة الدولة على ضبط المعابر غير الشرعية من جهة، او ضبط عملية التهريب من جهةٍ أخرى، ناهيك عن أن أسعار الدواء، واحتكار التجار له وانقطاعه، دفع بالعديد من المواطنين إلى التهافت لتخزينه، أو الإتجاه نحو السوق السوداء أو سوق التهريب، لتأمين حاجاتهم من دواء “مش معروف أصلو من فصلو” ، فقط لأن سعره مناسب لميزانيتهم ومن دون أن يكونوا مدركين لآثاره الجانبية.
تتبّع الدواء
كثيرةٌ هي الصرخات التي ارتفعت، لا سيّما من المعنيين، رفضاً لهذا الواقع الأليم، والعديد من الخطط وضعت لحلّ هذه الأزمة. ولعلّ خطة تتبّع الدواء، التي عملت وزارة الصحة على اعتمادها، في إطار خطّة إصلاح وتطوير القطاع الصيدلاني في لبنان، كانت ابرز هذه الخطط، وذلك من خلال إعادة النظر بالتشريعات وتنظيم عملية تسجيل الأدوية وتسعيرها وصياغة معايير وبرامج لضمان الجودة بهدف توفير الدواء الآمن والمضمون الجودة بالسعر المناسب للمريض. كما يهدف هذا المشروع الى تأمين وصول الدواء الآمن للمريض من خلال تتبّع الدواء ضمن سلسلة التوريد Supply chain، وضبط بيع الأدوية المدعومة وخصوصاً أدوية الأمراض المستعصية، إضافة إلى منع التخزين والتهريب، وتسريع عملية سحب الأدوية من الأسواق اللبنانية، والتمكن من ضبطها.
كيف يعمل المشروع
يبدأ مسار التتبّع بحصول المريض على رقمٍ صحي موحد Unique ID كشرطٍ أساسي للحصول على الدواء (https://we.tl/t-iKRPMgb8EJ)، ورفعت الوزارة عدد المراكز التي يمكن للمريض الحصول من خلالها على هذا الرقم إلى 15 مركزا في مختلف الأراضي اللبنانية، حيث أنه على المريض فقط، أن يقدم طلب الحصول على الدواء من خلال الطبيب المعالج، الذي يُدخل الملف الطبي للمريض ونتائج فحوصه والأدوية التي يجب أن يحصل عليها عبر برنامج “أمان” الذي يسمح بملاحقة الدواء من وقت وصوله إلى المطار حتى إعطائه للمريض، علماً بأن التسجيل في هذا البرنامج، هو الطريقة الوحيدة للحصول على الموافقة المسبقة من وزارة الصحة العامة لاستلام الدواء المدعوم من وزارة الصحة العامة بناءً على البروتوكولات المعتمدة.
وعليه يصبح لكل مواطن لبناني، ملف متكامل في الوزارة، وقدرة على ضبط كمية الأدوية التي يجب أن يحصل عليها من دون أي مشاكل أو غش.
هذا المشروع الذي كانت نقابة الصيادلة، بشخص النقيب جو سلوم، من الداعمين والمحمّسين للاعتماد عليه، يجب أن يكون ضمن خطة متكاملة من ضمنها البطاقة الصحية التي تخوّل المريض أن يحصل على مساعداتٍ ودعمٍ مباشر خصوصاً مرضى السرطان والأمراض المستعصية، في ظل غياب الصناديق الضامنة، التي كانت تشكل سنداً للمريض، من دون أن ننسى الحاجة إلى ايضاً مكننة العملية، بحيث يصبح لكلّ مريض ملف الكتروني خاص به، وباستطاعة أي طبيب الإطلاع عليه، عند الحاجة، ما يوفر الكثير من الملفات والأوراق على المريض، ويسرّع في عملية الكشف ووصف الأدوية.
إذاً، هو إنجاز جديد، ولو متأخر، يُسجّل لوزارة الصحة، وخطوة إلى الأمام تعيد بعض الأمل لمرضى، ذاقوا الأمرّين للحصول على حبة الدواء، واستنجدوا بالكثيرين لتأمين علاجهم، للبقاء على قيد الحياة .
يبقى الأمل بإنجاز المشروع سريعاً، للتخفيف من الوجع والألم للمواطنين.
المصدر:لبنان ٢٤