الاتصالات والإنترنت.. “باي باي”!

كتبت لينا فخر الدين في “الأخبار”:

الكارثة آتية. إذا لم تعالج مشكلة توفير المازوت والصيانة وأكلاف التراخيص العالمية، فضلاً عن تحسين رواتب الموظفين في أوجيرو، فإنه خلال وقت قريب لن يتمكّن معظم القاطنين على الأراضي اللبنانيّة من إجراء الاتصالات الأرضيّة والخلويّة ولا حتى الولوج إلى شبكة الإنترنت أو استخدام التطبيقات على الهواتف والحواسيب. هذا ليس ضرباً من الخيال ولا مبالغة. فالمشكلة متشعبة بين تأمين الكهرباء والدفع بالدولار مقابل التراخيص العالمية وارتفاع أسعار المحروقات… كلّ هذا يشي بأن الدولة المفلسة لن تكون قادرة أصلاً على تأمين الأكلاف التشغيليّة لتسيير أعمال «أوجيرو»، فضلاً عن تلبية مطالب الموظفين بزيادة رواتبهم.

هذا كلّه فنّده المدير العام لـ«أوجيرو» عماد كريديّة في كتاب موجّه إلى وزير الاتصالات جوني قرم في 28 آب الماضي، بعد توجيه أكثر من كتاب إلى رئيس الحكومة ووزيرَي الاتصالات والمالية وكلّ الأجهزة الرقابية من دون أن يحرّك أحد ساكناً. خلاصة الكتاب أنّه يتعذّر على الهيئة القيام بالتشغيل والصيانة لتسيير هذا المرفق.
أولى الأزمات التي تُعانيها الهيئة هي عدم تغذية المقسّمات الهاتفيّة بالتيار الكهربائي العام من مؤسسة كهرباء لبنان واضطرارها إلى تأمين التيار بواسطة مجموعات الإغاثة الاحتياطيّة، لكن هذا الإجراء يستدعي صرف مبالغ طائلة لشراء المازوت والزيوت والفلاتر والبطاريات لاستمرار تشغيل هذه المقسّمات بالحد الأدنى. ويفوق عدد مجموعة الإغاثة هذه الـ 700 بقدرات تتراوح بين 35 و500 KVA في مراكز هاتفيّة يفوق عددها 330 مركزاً تعمل 24/24، ما يؤدي إلى تلفها لعدم توفر العناصر البشريّة لمواكبة أعمال صيانتها، خصوصاً أن هذه الأعمال خارجة عن نطاق عمل الهيئة كمنتج للتيار الكهربائي.

وما يزيد الوضع صعوبة هو ضرورة تسديد الهيئة مبالغ مالية بالدولار مقابل التراخيص العالمية لتشغيل الحواسيب والبوابات الدوليّة للإنترنت وكل التجهيزات التي تشكّل العمود الفقري لهذا القطاع، إضافة إلى المؤازرة الفنيّة وصيانة الكوابل البحريّة واستئجار السعات الدوليّة لربط لبنان بالخارج.

في مقابل هذه الأكلاف، فإن عقد الصيانة والتشغيل الأخير الموقّع مع وزارة الاتصالات – المديريّة العامة للاستثمار والصيانة كان بقيمة 48.3 مليار ليرة لا تكفي لتشغيل مجموعات الإغاثة الاحتياطية إلا لأيّامٍ معدودة. لذلك، عمدت «أوجيرو» الى طلب سلفات خزينة لعدم صدور الموازنة العامة لعام 2022 وعدم تنظيم عقد اتفاق جديد مع الوزارة.

وطلب كريديّة في كتابه الذي هدف إلى «رفع المسؤولية عنا نظراً إلى التداعيات الكارثيّة» تنظيم عقد الصيانة والتشغيل للعام 2022 وتأمين الاعتمادات على القاعدة الاثني عشرية، ووضع لجنة الإعلام والاتصالات في صورة ما يعانيه القطاع، والعمل مع مؤسسة الكهرباء لتأمين التيار الكهربائي العام للمراكز الهاتفيّة الرئيسيّة: رأس بيروت، رأس النبع، الأشرفيّة، نهر بيروت، الجديْدة، ميناء الحصن، العدليّة وبدارو.
والمشكلة نفسها تنسحب على أكلاف الموظفين الذين ينفّذون إضراباً مفتوحاً منذ أربعة أيام للمطالبة بتحسين رواتبهم التي تآكلت بفعل التضخّم. وقد أدّى الإضراب إلى التوقف عن تنفيذ أعمال الصيانة والتشغيل في كل مراكز الهيئة على الأراضي اللبنانيّة إلى حين تصحيح أجورهم، ما أدّى إلى خروج سنترالات الأشرفية، الحمرا، رأس النبع، الشياح، نهر بيروت، عن الخدمة بشكل شبه كامل، باستثناء ما تغذّى بالتيار الكهربائي الرسمي. هذا التوقّف يعني خروج 100 ألف مشترك بين أفراد ومؤسسات عن الشبكة، وعدم تمكّنهم من إجراء الاتصالات الهاتفيّة أو الاتصال عبر الإنترنت، فضلاً عن زيادة الضغوط على سنترالات أخرى. وما يزيد الوضع كارثيّة أن هذه المراكز ليست محصورة بعمل «أوجيرو» وحسب، وإنّما بعضها سنترالات مشتركة بين الهيئة و«تاتش» و«ألفا»، ما يعني فعلياً إمكانية توقّف الاتصالات الأرضيّة والخلويّة والإنترنت في معظم المناطق اللبنانيّة. طبعاً، بيروت ستكون أول الغيث، إذ إنّ الأمر سيتعدّى العاصمة بعد تردّد معلومات عن إمكانيّة خروج قريب لمركز صيدا أيضاً عن العمل، رغم تدخّل النائبة بهية الحريري من أجل تشغيله، لتتبعها المراكز الأُخرى على التوالي.