ألقى العلامة السيد علي فضل الله، خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية”>
وقال : “البداية مما يهدد اللبنانيون على الصعيد المعيشي والحياتي بفعل الارتفاع المستمر في سعر صرف الدولار الأميركي على حساب الليرة اللبنانية، والذي نرى تداعياته في ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية والمحروقات وكلفة الدواء والاستشفاء والنقل وكافة احتياجات المواطنين في بلد “مدولر”، وحتى عدم توافرها أو النقص فيها. وحسنا فعلت الحكومة بتجميدها القرار الصادر عنها برفع الدولار الجمركي إلى حدود العشرين ألف ليرة والذي لو طبق كان سيؤدي إلى انفجار اجتماعي”.
وأضاف, “نأمل ألا يكون هذا التجميد موقتا وآنيا لتعاود الحكومة رفعه مجددا بعد استيعاب ردود الفعل التي حصلت. ومع الأسف يجري كل ذلك فيما يستمر الانهيار على صعيد خزينة الدولة وعلى صعيد المؤسسات، حيث لا يبدو في الأفق وحتى الآن أية مساعدات خارجية تنقذ الخزينة الفارغة وبوادر لتشكيل حكومة تدير شؤون البلد في ظل الخلاف المستحكم حولها أو حول آليات التشكيل، فيما يتم التعامل مع الفراغ كأمر واقع على صعيد رئاسة الجمهورية لعدم إمكانية التوافق على هذا الرئيس، وعدم قدرة أي من المحاور السياسية على فرض خياره، ما يجعل المشهد الذي سيحصل بعد خلو موقع الرئاسة غامضا، وقد تكون تداعياته خطيرة وكارثية”.
وتابع, “إننا أمام كل هذا الواقع الذي وصلت إليه الدولة وبات يهدد كيانها واستقرارها، وأمام الواقع الصعب الذي بات يعاني منه اللبنانيون ويتهدد حياتهم وأمنهم واستقرارهم في هذا البلد، نجدد دعوتنا لكل من يديرون الواقع السياسي الخروج من حالة الإنكار لكل ما يجري والتعامل مع البلد وكأنه بألف خير إلى العمل بكل جدية ومسؤولية لإخراجه من حال الانهيار الذي وصل إليه، وكما قلنا سابقا نقولها اليوم أنتم قادرون إن خرجتم من حساباتكم الضيقة وأنانيتكم ومصالحكم الخاصة”.
ومن هنا، فإننا نجدد دعوتنا في هذه المرحلة إلى “الإسراع بتأليف حكومة قادرة على تلبية احتياجات المواطنين الملحة والأساسية وملء الفراغ الرئاسي وإنقاذ البلد من الانفجار الاجتماعي والسياسي المحتمل”.
ونجدّد “وقوفنا مع مطالب القضاة المعتكفين بتحسين رواتبهم وسد حاجاتهم لحرصنا على قضاء عادل ونزيه وبعيد عن الارتهان، حيث لا يمكن الاطمئنان إلى قضاء إذا كان من يتولونه لا يملكون القدرة على تأمين العيش الكريم لهم ولأولادهم، ما قد يهدد مناعتهم واستقلاليتهم وعصاميتهم التي ينبغي أن يتحلوا بها. وحيث لا استقرار لبلد ولا أمان فيه ولا اقتصاد ولا سياسة بدون هذا القضاء…”.
ودعا إلى “ضرورة العمل سريعا لإنقاذ العام الدراسي مما قد يتهدده إن على صعيد المدارس التي باتت غير قادرة على النهوض بأعبائها المتزايدة، لا سيما توفير رواتب المعلمين، أم على صعيد عجز المواطنين عن دفع الأقساط المطلوبة منهم لتعليم أولادهم، ما يتطلب من أجهزة الدولة ووزارة التربية وكل الحرصاء على بناء هذا الوطن بذل كل الجهود الممكنة، لمساعدة المؤسسات التعليمية لأداء دورها وبالكلفة التي يستطيع اللبناني تحملها لتعليم أولاده، وإلا فقدت الدولة دورها على صعيد التعليم والتربية وبناء الأجيال”.
وعن مسألة ترسيم الحدود البحرية, قال: “يستمر العدو بسياسة المماطلة في الإجابة على الشروط اللبنانية ويقرن ذلك بالتهديد إن طالب لبنان بحقه بأن لا استخراج للغاز إن لم يحصل لبنان على حقه. ونحن على هذا الصعيد، ما زلنا نقف مع أي جهد يبذل لأجل إيجاد حل يضمن حقوق اللبنانيين كاملة، لكننا في الوقت نفسه ندعو إلى الحذر والجهوزية من مغامرات قد يقدم عليها هذا العدو لحرمان لبنان من حقه”.
وفي الوقت نفسه، شدّد على “إبقاء الموقف اللبناني موحدا، والكف عن كل ما يؤدي إلى إضعافه أو منعه الاستفادة من مواقع القوة التي يملكها”.
وختم فضل الله, بالقول: “أخيرا، نلتقي بالذكرى السنوية الرابعة والأربعون لجريمة العصر، وهي اختطاف الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه، الذي كان من الواضح أن المراد منه استهداف الخط الذي رسمه، والذي عبر عنه في موقفه الصلب في مواجهة الفتنة الداخلية والحرمان والفساد والاحتلال”.
وتابع, “إننا سنبقى نرى في تغييب هذه الشخصية جريمة تطاول كك الطوائف والمذاهب وكل المواقع السياسية، ومن مسؤولية الجميع بذل الجهود للكشف عن الغموض الذي لا يزال يلف هذه القضية، والوفاء لكلّ التوجهات والمعاني والقيم التي عمل من أجلها، لرفع الحرمان ودعم المقاومة وتعزيز العلاقات العربية الإسلامية”.