رمال جوني – نداء الوطن
تغلغل الفساد في ملف الطحين، فأنتج ازمة غير مسبوقة في تاريخ لبنان، ازمة من شأنها ان «تزلزل» المجتمع.
«ليرفعوا الدعم عن الطحين فتختفي ازمة الرغيف»، معادلة يطرحها اصحاب الافران هذه الايام، للخروج من ازمة الرغيف التي دخلت اسبوعها الثاني دون اي بوادر حلحلة، وحده المواطن يتكبد عناء البحث عن ربطة غير متوفرة في الدكاكين، في حين يضطر لدفع 200 ألف ليرة ثمن بنزين في تنقله باتجاه اقرب فرن ليشتري ربطة خبز بـ15 ألف ليرة إن وجدها، ما يعني عملياً اصبحت ربطة الخبز بـ215 الف ليرة.
فيما أعين الساسة اللبنانيين على تكليف رئيس حكومة جديد، أعين الناس على ربطة خبز، اختفت بفعل التناحر السياسي القائم بين اصحاب المطاحن والافران ووزارة الاقتصاد، و»مش طالعة الا براس المعتر»، الذي يدفع 30 و40 ألفاً ثمن الخبز، المهم ان تتوفر اللقمة داخل منزله، ولسان حاله يسأل: اين النواب من ازمة الرغيف؟ وماذا فعلوا وأي خطط قدموها لحماية رغيف الفقراء؟
ولكن من يفتعل ازمة الرغيف وما علاقة قرار رفع الدعم بشقه المتعلق بخبز الكرواسان والمناقيش والصاج؟
وفق المعلومات فإن رائحة فساد تفوح من داخل هذا الملف، الذي اجج الازمة، وجفف منابع الخبز في السوق، وفق المعلومات ايضاً فإن قصة الرغيف بدأت ما ان قرر وزير الاقتصاد امين سلام سحب الطحين المدعوم من امام افران المناقيش والباتيسري والصاج، وهنا تؤكد المصادر ان هذه الدعسة الناقصة للوزير كانت مقدمة لأزمة الرغيف التي نشهدها اليوم، لا تخفي المصادر تغلغل الفساد في هذا الملف، وان ابرز عناصره تتمثل بالمطاحن التي بدأت تبيع الطحين المدعوم بسعر غير مدعوم وصل معه الطن الى 850 دولاراً، هذا ناهيك عن اغراق السوق بأكياس طحين «سادة» دون ماركة مسجلة، كنوع من تهريب الطحين المدعوم بهذه الطريقة، هذا عدا عن ظهور طحين منتهي الصلاحية بدأ ينتشر في الافران وتحديداً افران المناقيش والصاج، وتؤكد المصادر ان 80 بالمئة من طحين الافران في بنت جبيل منتهي الصلاحية وان نسبة كبيرة من افران منطقة النبطية اشترت هذا الطحين بأسعار كبيرة وتستعمله، ما يهدد الامن الغذائي للمواطن، وبحسب المصادر فإن دورية من امن الدولة اقفلت احد المستودعات في مجدل سلم، للعثور على طحين غير مطابق للمواصفات الصحية، وتشير المصادر الى ان هذا الطحين كان مخزّناً منذ فترة ومعظمه يعود تاريخه الى شهر واحد من هذا العام، ما يعني ان هناك من كان على علم مسبق برفع الدعم فقام بالتخزين.
ولكن في النهاية كان طحيناً منتهي الصلاحية ويسبب تسمماً غذائياً، ولا عجب، تؤكد المصادر، ان بدأنا نشهد حالات تسسم وانتشار امراض سرطانية في المدى المنظور، وكلها بسبب الجشع.
لا تتوقف ازمة الرغيف عند هذا الحد، فالازمة بمعظمها مفتعلة، لدفع الدولة لرفع الدعم كلياً عن الطحين، وفق المعلومات فإن بونات الطحين التي تتسلمها الافران لانتاج الخبز العربي يجري بيعها في السوق السوداء، وهناك افران مقفلة وتتسلم الطحين عبر تلك البونات وتبيع الطن بـ850 دولاراً، فيما تعمد افران اخرى على انتاج كمية قليلة من الخبز العربي وجزء من الطحين المدعوم يذهب الى انتاج الكرواسان والكعك، والكمية الباقية يتم بيعها بالسوق السوداء بـ20 مليون ليرة للطن الواحد، اي ان صاحب الفرن يحقق ارباحاً طائلة جراء هذه العملية، دون اي تكلفة اضافية. هذه هي اركان الازمة، كما تشير المصادر، والتي يتحمل مسؤوليتها وزير الاقتصاد الذي يجب عليه اليوم إما رفع الدعم كلياً عن الطحين او الابقاء على الدعم لكل الأصناف، لان تجزئة الدعم هي التي خلقت الازمة، والتي من المتوقع ان تستفحل اكثر في الايام المقبلة في ما لو لم يجر اي تعديل على القرار.
اذا، نحن امام ازمة خطيرة بكل جوانبها، ازمة طحين فاسد يستخدم في المناقيش والصاج وازمة طحين يباع سوق سوداء بدلاً من انتاج الخبز، وفي كلا الحالتين المواطن « طالعة براسه» يضطر للبحث عن رغيف خبز غير متوفر.
وناشد اصحاب الدكاكين النواب التدخل لوضع حد لهذه الازمة لانها فاقت كل التوقعات، فهناك من يبقى دون رغيف خبز، هو عصب طعامه اليومي، ويقول محمد: «ارحموا الناس»، ويسأل متى يتدخل نواب المنطقة لمعالجة الازمة، هل بعد فوات الاوان، واذا لم يقفوا قرب الناس الآن متى يقفون؟
لا يخفي عضو تجمع الافران في الجنوب علي قميحة ان الرغيف بات في خطر، وانتاجه بات صعباً يومياً، ولذلك فإنه يقنن الانتاج حسب توفر الطحين، وهذا يؤشر على دخولنا مرحلة خطيرة جداً وغير مسبوقة، وما لم يتم وضع حد لها رغيف الفقراء سيصبح في خبر كان.
بالمحصلة رغيف الفقراء في خطر والكل يتقاذف المسؤولية، وتجار الازمة وحدهم يحققون الارباح، فمتى تسقط ورقة التوت لتوقفهم عند حدهم وايقاف مهزلة الرغيف.