نفذ العاملون في القطاع الطبي والإستشفائي اعتصاما اليوم، بدعوة من نقابة المستشفيات في لبنان وكل من نقابتي اطباء لبنان في بيروت وفي طرابلس، امام المقر الرئيسي لمصرف لبنان في بيروت، “احتجاجا على احتجاز اموالهم في المصارف وعدم تأمين السيولة الضرورية”.
شارك في الإعتصام نقيب المستشفيات المهندس سليمان هارون، نقيب اطباء لبنان في بيروت البروفسور شرف ابو شرف، نقيب اطباء لبنان في طرابلس الدكتور سليم ابي صالح. كما انضم الى الاعتصام نقيب محرري الصحافة جوزف القصيفي.
ترافق هذا التحرك مع الإضراب التحذيري الذي اعلنت عن تنفيذه هذه النقابات ليومين، في 26 و27 ايار، في العيادات والمراكز الصحية والمستشفيات باستثناء الحالات الطارئة والحرجة وغسيل الكلي والعلاج الكيميائي فقط.
ابو شرف
وكانت كلمة للنقيب أبو شرف قال فيها: “ان العلاقات المصرفية السيئة بين المصارف اللبنانية والمودعين أصبحت قائمة على الشواذ وعدم احترام القوانين، وأصول العمل المصرفي. واستفحلت الإجراءات التعسفية التي يقوم بها معظم المصارف اللبنانية مع المنتسبين إلى نقابات المهن الحرة والمودعين، وبلغت حدا خطيرا ومرفوضا، وخصوصا:
– عدم قبول الشيكات وعدم التعامل مع الشيكات، وفي حال القبول الأستنسابي، بوضع شروط تعجيزية وفرض عمولة خيالية تصل إلى حد الأربعين %، كما وإيداعات فعلية لدى الكاتب العدل، وإغلاق حسابات المودعين المصرفية.
– رفض قبول تسديد المستحقات المالية عن طريق البطاقات المصرفية وحمل التجار على فرض عمولات خيالية ملازمة ما سبب للمودعين والموطنين معاشاتهم صعوبات كبيرة لتأمين حاجاتهم الاساسية، وقد ينذر ذلك بكارثة اجتماعية خطيرة.
– حرمان النقابات من حق استعمالها لحساباتها الجارية في العملة الوطنية او الدولار لتسديد مستحقاتها ومنها الأجور والمعاشات التقاعدية والتعويضات والنفقات الاستشفائية”.
وقال ابو شرف: “ان مستقبل الآلاف من المنتسبين لهذه النقابات بات في دائرة الخطر، سيما وأن الأطباء والممرضين والممرضات يهاجرون بأعداد كبيرة، وقد بلغ عددهم حتى الآن ما يزيد عن ثلاثة الاف طبيب وثلاثة آلاف ممرض وممرضة”.
ورأى “ان هذه الإجراءات المصرفية ضربت أصول العمل المصرفي وكل القوانين والأعراف عرض الحائط، ومن دون أي رادع او تدخل من قبل المعنيين، بالرغم من مراجعاتنا المتكررة كتابيا وشفهيا وإعلاميا”. وطالب ابو شرف “بوضع حد لهذه المعاملة غير القانونية وغير الإنسانية وغير الأخلاقية، لأن ذلك سيضر ليس فقط بالمودعين بل بالمصارف أيضا وبالاقتصاد الوطني”.
واكد “ان الحل يجب أن يكون سريعا، بتطبيق القانون واحترام الناس والحفاظ على كراماتهم، وبعدم حرماننا من حق استعمال حساباتنا في العملة الوطنية والدولار لتسديد المستحقات، ومنها اجور الموظفين والمعاشات التقاعدية والتعويضات والنفقات الاستشفائية”. وطالب بـ”ضرورة قبول التعامل بالشيكات والبطاقات المصرفية وعدم فرض شروط تعجيزية أو عمولات خيالية عليها”.
وختم ابو شرف: “إننا مؤمنون بلبنان ونريد البقاء هنا، لكننا نريد العيش بالحد الأدنى من الحياة اللائقة الكريمة. فكفى استهتارا بنا وبحقوقنا”.
هارون
من جهته، شكر النقيب هارون القوى الامنية “الساهرة على تأمين الحماية لهذا الاعتصام”، وطالب بـ”تأمين التغطية الصحية لهم لا سيما قوى الامن الداخلي”.
وتوجه هارون الى المعتصمين بالقول: “لقد جئتم من كافة انحاء الوطن، من الشمال والبقاع وجبل لبنان والجنوب، لتقولوا بصوت واحد: لا للسياسة النقدية المتوحشة التي تمارسها دولة لا تعرف الانسانية، وتسرق مواطنيها تحت حجة الحفاظ على سعر صرف الليرة”.
اضاف: “ان سياسة الدفاع عما تبقى من قيمة الليرة قد أجهز على ما تبقى من قيمة الانسان، لقد تكشف للجميع ان ما كانوا يفعلونه هو تجميد سعر الدولار حتى يمرروا الانتخابات ويعودوا الى مقاعدهم في البرلمان، وها هو الدولار اليوم، بعدما عادوا الى كراسيهم، يتفلت ويزيد من حالة الفقر والعوز لدى المواطنين”.
واكد “ان ما نشهده في القطاع الاستشفائي هو أمر غير مسبوق، فالاموال التي تحولها لنا الدولة بدل طبابة المواطنين تحتجزها المصارف وتمنعنا من استعمالها”. وقال: “ان هذا التواطؤ بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف بقطع السيولة عن المستشفيات سوف يؤدي مباشرة الى انقطاع الدواء والعلاج عن المريض.
لقد سعينا خلال الاشهر الماضية للتوصل الى حل، كما بذل وزير الصحة العامة الدكتور فراس الابيض مشكورا جهودا لدى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وكل ذلك لم يؤد الى اي نتيجة”.
اضاف: “بئس الدولة التي ينزل الاطباء والعاملون الصحيون فيها الى الشارع كي يطالبوا بحقوقهم بدلا من ان يكونوا في مستشفياتهم يهتمون بالمرضى”.
واعلن “ان المستشفيات عاجزة عن تأمين السيولة اللازمة لتتابع عملها، والاطباء والعاملون في الشأن الصحي لا يمكنهم الحصول على أتعابهم وهم محرومون من حقوقهم والتي هي اصلا اصبحت غير كافية لتأمين عيش كريم لهم ولعائلاتهم”.
وتوجه الى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة ميقاتي والنواب، سواء العائدين منهم او المنتخبين الجدد، الى “تحمل المسؤولية والعمل على تحرير حسابات المستشفيات والاطباء من وضع اليد عليها، والا فان الامور سوف تزداد سوءا وهم يتحملون وزر اي ضرر يقع على اي مريض لا تتمكن المستشفى من تأمين العناية له. اللهم اشهد اني بلغت”.
ابي صالح
اما النقيب ابي صالح، فقال: “لقد طفح الكيل، لهذا اضطررنا اطباء وممرضين وعاملين صحيين واصحاب مستشفيات، داعين آسفين الى هذا الاضراب والى هذه الوقفة الاحتجاجية، ليس في وجه احبائنا المرضى، انما في وجه من أوصلنا الى هذا المستوى من الانهيار المالي والاقتصادي والذي أدى الى تعطيل القطاع الصحي والى تهجير الكوادر الطبية والتمريضية، كما سائر الشباب اللبناني. اننا نقف اليوم في وجه طغمة مالية قابضة على السياسات النقدية والاقتصادية، طغمة متمثلة بجمعية اصحاب المصارف وحاكمية مصرف لبنان”.
اضاف: “لقد اجتمعنا اليوم لنؤكد رفضنا مصادرة ودائعنا النقابية والشخصية باي شكل من الاشكال، سواء كان بتأجيل استحقاقها او تقسيطها على فترة طويلة او شطب اية نسبة منها او دفعها بطريقة تؤدي الى خسارة قيمتها الحقيقية. لقد اجتمعنا اليوم لنؤكد رفضنا لخطة تحويل مدخراتنا الى اسهم في مصارف مفلسة، مطالبين باعادة هيكلة القطاع المصرفي وتحديد المسؤوليات اولا ومن ثم البحث في الحلول ثانيا.
لقد اجتمعنا اليوم لنؤكد رفضنا لمشاريع قوانين تبرئ ذمة المسؤولين عن هذا الافلاس، مطالبين بارساء قاعدة المحاسبة وعدم الافلات من العقاب، وتوزيع عادل للخسائر بما يحفظ حقوق العاملين الكادحين ومدخراتهم الناتجة عن كدهم وجهدهم ومن ضمنهم العاملين في القطاع الصحي. لقد اجتمعنا اليوم رفضا لسياسات مالية تضيق الخناق على السحوبات من الحسابات الشخصية والنقابية وتعتمد اسعار مختلفة للعملة الوطنية مقابل الاجنبية، كما تعتمد الاستنسابية في التعامل مع المودعين ما ادى الى استنزاف احتياطي العملات الصعبة لصالح المحتكرين والمحاسيب والمتحكمين بالسياية النقدية . لقد اجتمعنا اليوم لنؤكد مرة اخرى رفضنا لخطة انقاذية هدفها سرقة ثرواتنا الطبيعية وهي ما زالت في باطن الارض عبر بيعها بسندات مؤجلة الاستحقاق وعبر وضع اليد على ممتلكات الدولة اللبنانية بشراءها بابخس الاثمان”.