كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
صحيح أن الخبز العربي بات متوفّراً في الأفران بعد أزمة إقفال المطاحن أبوابها ووقف توزيع الطحين ما أدى إلى فقدان الرغيف على مدى أربعة أيام الأسبوع الماضي، إلا أن كمية الطحين الموزعة لا تزال محدودة وغير كافية لتلبية حاجات الإستهلاك المحلي. وبذلك نكون على مشارف أزمة نفاد رغيف مجدداً كما أكد مصدر مطلع لـ”نداء الوطن” في حال “لم يتم إعادة فتح أبواب 3 مطاحن مقفلة، لاستئناف توزيع الطحين على الأفران”.
ومن المتوقّع أن تعقد وزارة الإقتصاد والتجارة اليوم، كما علمت “نداء الوطن”، إجتماعات ماراتونية تبدأ من التاسعة صباحاً وتستمرّ للفترة المسائية، بهدف التوصّل إلى حلّ لمعضلة الطحين. وأكد مدير عام الحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد جرجس برباري لـ”نداء الوطن” أن “المفاوضات مع البنك الدولي لتوقيع اتفاق الـ150 مليون دولار لتحسين الأمن الغذائي بما فيه القمح باتت في مراحلها النهائية، ومن المتوقع أن تظهر بوادر ايجابية خلال الأسبوع الجاري ويتمّ توقيع الإتفاق بين وزير الإقتصاد والبنك الدولي”.
وحول إقفال بعض المطاحن أبوابها، أكّد برباري أن “مصرف لبنان فتح اعتمادات لدعم الطحين من الـ15 مليون دولار”، التي وافقت الحكومة على صرفها من حقوق السحب الخاصة SDR المخصصة للبنان من صندوق النقد الدولي لمشاريع منتجة والبالغة قيمتها الإجمالية 1.139 مليار دولار. ولكنّ مطحنتي “الشهباء” و”البركة” متوقفتان عن توزيع الطحين رغم أن لديهما قمحاً مدعوماً بسبب عدم صدور نتيجة الفحوصات المخبرية من وزارة الزراعة حول مطابقتهما المواصفات الإستهلاكية المطلوبة. كما أن مطحنة “سبلين” وهي الأكبر، متوقفة أيضاً عن العمل بعدما تمّ إقفال أبوابها مساء يوم الجمعة الماضي من قبل الجمارك”.
وكان تردّد الأسبوع الماضي أن رفع الدعم سيتم بين ليلة وضحاها، إلا أن وزير الإقتصاد والتجارة أمين سلام نفى ما يتردّد عن رفع الدعم حالياً عن الخبز. وأشار إلى أنه “يتمّ السعي بدلاً من رفع الدعم إلى إبرام اتفاق الـ150 مليون دولار مع البنك الدولي لتحسين الأمن الغذائي”. لكنه في المقابل أكّد أن الدولة “على المدى الطويل في وضع مالي صعب وليس بمقدورها دعم الخبز أو غيره”.
مقابل تلك المشهدية، أكّد مصدر مطلع لـ”نداء الوطن” أن “رفع الدعم لن يتمّ قبل الإنتخابات بل قد يصار إلى الإقدام على تلك الخطوة بعد 15 أيار”، وما يجري اليوم ليس سوى محاولات لدعمه من خارج احتياطي مصرف لبنان الذي تدنى إلى 11 مليار دولار أو حتى أقلّ.
وبذلك، إذا لم تتحلحل معضلة الطحين خلال الأسبوع الجاري فقد ينفد من الأسواق مجدداً ويتكرّر مشهد أزمة الرغيف، وخصوصاً أن عطلة الفصح لدى مسيحيي الطقس الشرقي ستبدأ أيضاً يوم الجمعة وتستمرّ ليوم الإثنين.
أما بالنسبة إلى تسعيرة ربطة الخبز عندما تحين ساعة رفع الدعم، فمن المتوقع أن ترتفع من نحو 12 ألف ليرة إلى 30 ألف ليرة. وإذا تم إطلاق العنان مجدّداً لسعر صرف الدولار في السوق السوداء ورفع مصرف لبنان يده عن تثبيت سعر الليرة أمام الدولار بعد مرور استحقاق الإنتخابات، وأوقف العمل بالتعميم رقم 161 الذي فرض على المصارف تسديد الودائع بالدولار بدلاً من الليرة اللبنانية، فإن سعر ربطة الخبز قد يزيد عن الرقم المتوقّع إلى جانب تحليق أسعار السلع مجدداً بخطى أكبر محققة أرقاماً قياسية تقضم المزيد من قوت الفقير.