كتبت نوال نصر في “نداء الوطن”: لا أدوية في الصيدليات. النقيب جو سلوم قال لنا امس الأول: «بدأنا استلام الأدوية». إستبشرنا خيراَ. لكن، البارحة، لم يجد حَمَلة الوصفات الطبية ثلاثة أرباع الأدوية الموصوفة. إحداهن بحثت عن دواء الضغط «كونكور 5 بلاس» في أكثر من عشر صيدليات لكنه مفقود. ثمة بديل عنه على ما سمعت: «بيزوكور 5 بلاس»، وهو لبناني. إشترته لوالدتها وهي التي لم تنس نصيحة الطبيب: «لا تلعبوا أبداً بدواء الضغط». لا نصيحة ولا بلوط. الزمن تغير وكلفة مراجعة طبيب إختصاصي، لسؤاله عن «بيزوكور»، تبدأ من 500 ألف ليرة وطلوع. قهر ثم قهر. اللبنانيون يا من سموك دولة يخسرون، بعد كل ما خسروه بسببك، صحتهم أيضا.
أدوية ألأمراض المزمنة، أو ما توافر منها، إرتفع ثمنها. رفعوا عنها الدعم. أصبحت أسعار تلك الأدوية على سعر صرف 23,500 ليرة للدولار الواحد، أي بزيادة 13,6 في المئة. والمواطنون، 99,999 من المواطنين، لم يعيروا انتباهاً لتلك الزيادة. همومهم أصبحت أكبر حتى من صحتهم ومالهم «رايح رايح». ووزير الصحة، فراس الأبيض، أعلنها بوضوح: سنتوقف عن دعم الأدوية المستوردة المنافسة للأدوية المحلية.
رفع دعم
جو سلوم، نقيب الصيادلة في لبنان، هل لديه ما يُريح الناس والصيادلة بالفعل لا بمجرد قوله «بدأنا استلام الدواء»؟ يجيب «نحن، بقولنا أن مخزون الصيدليات قد انتهى، إنما أردنا توجيه صرخات تحذيرية، بمثابة جرس إنذار، وتلقينا بشائر إيجابية». ماذا يعني ذلك؟ هل حُلّت الأزمة؟ هل سيجد من يحتاج الى دواء دواءه؟ يجيب «يتمّ استلام الأدوية، منذ وقت طويل، بشكلٍ ضئيل. في كل حال، الدواء المصنّع محلياً أصبح يغطي نحو خمسين في المئة من الحاجات. والبارحة (قبل يومين) رُفع الدعم عن الأدوية التي لها بديل مصنّع محلياً. وسيتم تحويل الدعم الى المواد الأولية المستوردة في صناعة الأدوية والأدوية السرطانية».
نحن متجهون الى تغيير كل الأدوية التي اعتدنا عليها بأدوية محلية. ممتاز طبعاً. هذا ما كان يفترض أن يتمّ من زمان، لكن ليس عنوة. وليس بعد قهر متمادٍ وهلاك الكثيرين الباحثين عن دواء أجنبي «براند» أو محلي. لم يكن يهم هؤلاء «مصدر الدواء» بقدر ما يهمهم فعاليته وتوافره. لكن، كما ترون، «هلق عميحكوا بالليسترين»، في وقت تتمادى فيه الأمراض في الأجساد. والمرض طبعاً لا ينتظر.
جملٌ كثيرة تتكرر على لسان نقيب الصيادلة بينها: «لا يمكن أن يلغي الدواء المصنّع «البراند» المبتكر نهائياً. لهذا علينا أن نحافظ على المكاتب العلمية. فثمة أمراض معينة بحاجة دائما الى أدوية جديدة مبتكرة. لهذا يفترض تزامن الصناعة المحلية مع الإستيراد الدوائي. نحتاج الى شراكة بين المصنّع الجيد والمستورد الجيّد. نحتاج الى سياسة مستدامة قائمة على بطاقة صحية تساعد المواطن على تغطية الفاتورة الدوائية». نحتاج ونريد ونتوقع ويجب. نقيب الصيادلة دينامي جداً ويعمل، بحسب عارفيه، ليل نهار من أجل إحداث الفرق بين ما هو قائم وبين ما يجب. لكن، يبقى السؤال، هل اللبناني المريض، المتألم، المعدم، ما زال قادراً على الإنتظار.