الوضع الاقليمي…حلقة مفرغة من الحلول

بينما يسلك الحل السياسي الاقليمي طرقاً مقفلة، وفيما يطول أمد الازمة السورية، ويحتدم الصراع في اليمن ليجعل من الجو الاقليمي بيئة خصبة للاقتتال مع انعدام أفق الحل السلمي ليدخل الدول الاقليمية في أتون صراعات عبثية لقوى اقليمية ترى في التفاوض على اشلاء الدماء والفوضى المتراكمة فرصا لتسوية حساباتها وتغليب مصالحها على حساب امن مزعزع للمنطقة برمتها.

وينعكس هذا الجو المشحون بالنزاعات على لبنان ليعيش حالة متفاقمة من الانهيار المالي والاقتصادي وحالة من اللا أمن، وبانتظار التسويات الاقليمية التي ما زالت قيد الانتظار، تعيش دول المنطقة حالة من التشرذم السياسي وفيما تسعى بعض الدول العربية والاقليمية الى التخفيف من الازمات السياسية التي تترجم في ساحات الاقتتال مشاهد عنف وقتل ودمار، وتهديد لامن العديد من الدول العربية، تزداد حدة الاصطفافات والتحالفات السياسية الاقليمية والعربية، اذ ترى دول كثيرة انه لا يمكن التهاون في سبيل تحقيق الامن القومي والمصلحة الاستراتيجية العليا، فمصلحة هذه الدول لا تتماشى مع تصاعد متواتر وتطور ملحوظ وملموس لقوى اقليمية كبرى يعتبرها الكثيرون مهددة للامن الاقليمي والعالمي.

تعمد الدول الكبرى المتحكمة في القرار السياسي والامني الى تنظيم واعادة ترتيب التحالفات العسكرية والجيوسياسية على مقاس مصالحها وضمان تفوقها ليستمر الوضع الاقليمي في حالة من عدم التوازن على الصعيد السياسي والامني مع تباين واضح في حجم القوى الدولية والاقليمية المتنازعة.

فبغياب القدرة على تحقيق توازنات دولية واقليمية، تجنح الكثير من الدول الى استعمال اوراق الضغط العسكري تمهيدا لاعادة رسم الخرائط السياسية التي تعيد ترتيب وتنظيم المشهد الاقليمي الدولي.

وفيما ترى الكثير من الاوساط الدبلوماسية والسياسية، ان نضوج التسويات لم يحن اوانه بعد، فمع انعدام الحلول الجذرية السياسية تبقى الحلول العسكرية هي الفيصل في تحديد الرابحين ان كان على الساحتين السورية واليمنية وعلى الاطراف المتجاورة والمستفيدين من المكاسب السياسية والاقتصادية، مع ترتيب للدول حسب قوتها واهميتها الاستراتيجية ليعيش العالم العربي والاقليمي والدولي حالة من الترقب مع وجود قرار دولي بتطويل عمر الازمات السياسية والصراعات العسكرية والدموية التي دمرت ومزقت قلب العالم العربي، فمن سوريا الجريحة الى اليمن الذي ينزف تبقى الساحات العربية الميدان الرسمي والفعلي لمحاولة قلب الموازين بما يتناسب مع مصالح الدول المتنازعة، فمن تدمير ممنهج لبعض الدول الى انهيار اقتصادي وكلي لدول اخرى، تستعر حرب ضروس لا يبدو انها في نهايتها بل اصبحت ساحاتها مكانا لاعادة صياغة المشهد الدولي بما يتناسب مع حجم كل دولة.

وتبقى الدول الاضعف هي الخاصرة النازفة في الجسم العربي الذي انهكته الحروب وفرقته التحالفات غير المتوازنة ليعيش لبنان والعالم الاقليمي حالة من الدوران في حلقة مفرغة من الحلول.

الصحافية نسرين أسعد شعيب ميدان برس