الأخوة الأعداء…

 

 

بين الأمس واليوم إختلف المشهد كليا…

إعتزل سعد الحريري العمل السياسي أو كما يقال (جمده)!

ما هي العوامل التي أدت الى هذا…؟

من يقرأ مسيرة سياسة إمدت منذ إغتيال والده الشهيد الرئيس رفيق الحريري، يعي ان وصول سعد الحريري الى حائط المسدود كان حتميا…

كيف ولا وهو وريث تلك الامبراطورية التي بنيت بعد اتفاق جاء على أنقاض مدينة دمرتها حرب إستمرت زهاء الخمسة عشر عاما! ليأتي إتفاق الطائف، الذي بني على تبويس اللحى، وسلم البلد لهؤلاء الذين خلعوا بذاتهم العسكرية واستبدلوها باللباس الرسمي وربطات العنق!!

التزم الحريري الأب مشروع بناء المدينة، وأقام شبكة علاقات عربية ودولية من خلالها استطاع التحكم بإدارة اللعبة، وبمساعدة نفوذ سوري ضاغط حينذاك، وتنفيعات لضباط كانوا كقفاذ يستعملهم حين يريد كبح جماح الكثير من السياسيين الذين عارضوا حينها سياسة الاقتراض والتبذير لمدخرات الدولة واملاكها…

من منا لا يعلم كيف بنيت سوليدير؟!

من لا يعلم كيف استثمرت الاملاك البحرية والتنفيعات أتت على حساب الدولة وخزينتها؟!

كل هذا الارث الثقيل حمله الوريث على أكتافه، وأقول بل كبله! وأرخى بحمله الثقيل على أكتافه…!

أكمل الفتى اليافع، ذو الملعقة الذهبية في فمه، وهو منتشي بهذا الإرث، فكانت النتيجة استمراره بهذا النهج نفسه دون إستطاعته الزيح قيض أنملة، وتكبيله وإفشاله في النهاية….

أدرك سعد الحريري أخيرا أنه مكبل داخليا ومأزوم خارجيا….

فأمواله وشركاته أصابها الترهل…

وفي السياسة أصبح أسير لهؤلاء الذين إستفادوا من سياسة الاب، ولا يستطيع الإبن ترويضهم، بعد أن أصبحوا حيتان مال، ومافيات متغولة لا تشبع…

وخارجيا اصبح محكوم بوقوفه في المقلب الآخر الذي لم يعد الاعتدال وانصاف الحلول وضبابية الموقف يرضيهم…

فكان القرار بتنحيته ولو  على مضض، للإفساح للصقور الذين يناط بهم دور تقليم أظافر التفلش الايراني كما وصف بالاعلام (الاحتلال الايراني).

بروز هؤلاء مباشرتا وبعد خطابه، الذي اعلن تجميد نشاط تيار المستقبل، وهجومهم على تقاعسه ودوره، كان اكبر برهان على ذلك…

البديل…

ادركت عائلة الحريري بأن ترك الساحة السنية وتنحيها اليوم، سيكون بمثابة انتهاء الارث وفقدان ذلك الوهج وخسارة لدفة القيادة…

فكان خطاب بهاء الحريري لطمأنة المريدين والخصوم على حد سواء، بأن هذه المسيرة مستمرة…

هل البديل هو الاصيل؟

انا أشك ان يستطيع البديل سد هذا الفراغ الذي تركه سلفه، لما له من باع في سياسة انتهجها وخلال سبعة عشر عاما منذ اغتيال والده، كما ان الارضية للتغيير غير معبده اه، كما كانت اثناء تولي شقيقه وحمل الراية الحريرية…

البلد واصل التمديد…

ان فقدان مكون اساسي سيكون شماعة يعلق عليها طموح من ادركوا ان الانتخابات ستدق المسمار الاخير في نعش مسيرتهم السياسية، وخسرانهم المحتم، وبالرجوع الى سمفونية (الميثاقية) سيمشي الكثيرون في درب التمديد…

وسيمشون في جنازة الديمقراطية

وتضيع احلام الناس في التغيير..

وإن لناظره قريب….

الصحافي سعد فواز حمادة ميدان برس