كلّما مرّ من العمر عام نبت له لسان، تحدّث حيناً وغرّد حيناً وصرخ أحياناً؛ وكلّما مرّ عام بانت له آذان تسمع حيناً وتغدو صمّاء أحياناً، وكلما مرّ منه عام تتفتّح فيه عينان ترْقُبان حيناً وتبرقان حيناً وتبكيان أحياناً. فهل سيحمل الرقم ٢٠٢٢ حظاً سعيداً للبنانيين ؟
ساعات قليلة تفصلنا عن عام جديد سيأتينا بحلّته الجديدة وكأنه هو المخلّص الذي سيمحو آثار سابقه وسيدمل جراح المواطنين الذين فقدوا السيطرة على أعصابهم وباتت حياتهم أشبه بصراع من أجل الرغيف .
الكل ينتظر ويرتقب، ليس محبة بخسارة عام من الحياة ولكنه أمل بأن يكون العام المقبل بمثابة المخلص الذي سيعيد ما سلبتهم إياه الاعوام السابقة.
ستجدون اليوم الملايين يجلسون خلف شاشات ناعمة، ينتظرون ظهور العرافين والمنجمين ليسرقوا من سطورهم جملة واحدة تبشّرهم بغد أفضل، ورغم إدراكهم لحجم خرافاتهم إلا أنهم يدخلون معهم مسارحهم الواسعة التي تُلعَبُ عليها آلاف السيناريوهات الخرافية . تساؤلات عديدة يسألها المواطن اللبناني اليوم، فهل ستعود الأيام الخوالي؟! وهل ستعود الحياة إلى طبيعتها ؟! ومتى سنرمي عن وجوهنا تلك الكمامات التي أرهقت أنفاسنا ومنعتنا حتى من استنشاق الهواء بحرية ؟! وهل سنستعيد ما سلبته منا حكوماتنا ومصارفنا؟!
جائحة تلو الأخرى تتنافس لسحق الانسان فهل ستكون ( الأوميكرون ) خاتمته ؟ ففي وقت باتت فيه البشرية بأسرها مهددة بفايروسات قاتلة، ما زلنا نحن اللبنانيون نعيش صراع الحكم الفاسد، وصراع الاقتصاد الميت، وصراع الفايروس الذي لم يعد باستطاعة المواطن مواجهته بعلبة دواء لأنه أضحى عاجزا عن شرائها . حياة اللبناني التي كانت صاخبة وسعيدة باتت اليوم ساكنة حزينة يلفها وشاح الفقر ويتربص بها شبح الموت .
في ظلّ ازدحام الأزمات وتدافق الآفات نرى أن اللبناني لا يستسلم فهو دوما يبحث عن السعادة ولا يفارقه الأمل ولكن أي أمل ذلك الذي ينقذه من شبح الغلاء ؟ وأي عشاء سيحضّره المواطن لعائلته في وقت تخطى فيه سعر كيلوغرام اللحم المئتين والخمسين ألف ليرة ؟ لم تعد سعادة المواطن مرتبطة بشراء سيارة أو تذكرة سفر، بل أصبحت محصورة بتأمين قوته اليومي الذي تخطى المعقول، فبأيّ حال ستعيّد أيها اللبناني ؟
مرة أخرى نتساءل ماذا ستحمل لنا في طياتك أيها العام الجديد وبأي حلّة ستستقبلنا ؟ إن كنت آتياً لتبلسم آلامنا وتداوي جراحنا فأهلا بك وإن كنت ستقضي على ما تبقى فينا من أمل فنرجوك الرحيل لأننا فقدنا صبرنا وضقنا ذرعاً ولا نقوى على تحمّل المزيد وعسى أن يصدق القول، كل عام وجميعنا بألف خير .
ليندا حمورة خاص ميدان برس