كتب نعمة نعمة في صحيفة “الأخبار” ليس مصادفة أن يطرح في اللجان النيابية المشتركة تجميد العمل بالمادة الثانية من القانون 515/96 (قانون تنظيم الموازنة المدرسية ووضع أصول تحديد الأقساط المدرسية في المدارس الخاصة غير المجانية)، من دون أدنى إدراك للتداعيات الاجتماعية والاقتصادية، فهذا نهج متواصل للسلطة بالتعاون مع كارتيلات المصارف والمدارس والتجّار والمستشفيات وتجّار المحروقات.
كما عوّدتنا السلطة، ومعها المصارف، بتحميل الخسائر للمودعين ومعهم مجمل المواطنين باقتطاع نسب هائلة من ودائع الموطنين، تعمد اليوم إلى التهرّب من مسؤوليتها في إيجاد حلول لمشكلة التعليم بتحميل أولياء الأمور والعائلات والمعلّمين وزر غطرستها. فلا تجد غير الضعفاء لسرقة ما تبقّى من مخزونهم وآمالهم التي يشقّون روحهم للإبقاء عليها بتعليم أولادهم، علّهم يسترزقون.
ما هي تداعيات تجميد العمل بالمادة 2 من القانون 515/96؟ سيبيح هذا التجميد للمدارس الخاصة زيادة الأقساط من دون رقيب أو حسيب، ومهما أعطى الوزير ضمانات بمراقبة هذه الزيادات وضبطها، سيكون عاجزاً عن ذلك. فهو لم يستطع، كما سلفه الوزير السابق طارق المجذوب، منع بعض المدارس من إلزام الأهالي بدفع جزء من القسط بالدولار بشكل مخالف للقانون، كما لم يمنعها من فرض شروطها وزيادة القسط قبل إقرار الموازنة، بل خضع لها وسوّق لحلولها على حساب الأهل والمعلمين الذين لم يحصلوا على حقوقهم منذ عام 2012، على رغم أن الأهالي دفعوا فعلياً قيمة سلسلة الرتب والرواتب مسبقًا حينها حتى عام2017 وراكمت المدارس أرباحاً في صندوقها الأسود تحت مسمّى «سلفة على أي زيادة مرتقبة».
ستنتج من هذا التجميد زيادات في الأقساط تراوح بين 50 و100%. فالقسط الذي كان يساوي 5 ملايين ليرة سيصبح 10 ملايين، ولن يكون سهلاً على الأسر أن تدفع ضعف الحد الأدنى للأجور شهرياً لتعليم ولد واحد! من دون احتساب كلفة الانتقال المرتفعة.
لكن، في المقابل، سيكون سهلًا على الإدارة المدرسية تحت بند التجديد والتطوير إدراج مبلغ 50 ألف دولار ثمن 100 كومبيوتر تعادل نصف رواتب مجموع الأساتذة والموظفين في المدرسة!
سينتج من هذا الواقع أمران. إمّا أن الأهالي سيستدينون من المدارس أو من مصادر أخرى، أو أنهم سينقلون أولادهم من التعليم الخاص إلى الرسمي الذي لم تبدأ السنة الدراسية فيه بعد. والمرجح، بحسب طبيعة الشخصية اللبنانية ومهارتها في إيجاد مخارج لتأخير الانفجار، فإن الغالبية من الأهالي ستلجأ إلى زعامات دينية أو سياسية أو مؤسسات لدعم تعليم أولادها،
لنعود إلى تكريس هذه التبعية في الانتخابات بقوّة بحكم الضرورة. أما حلول من لا حول ولا قوة له فسيكون الانتقال مجدداً إلى المدرسة الرسمية المعطّلة نتيجة الآمال والوعود المستحيلة.