معادلة برّي: إنقاذ جعجع ونَسف “التيّار”؟

كتب شادي هيلانة في “أخبار اليوم”:
نجحت الكنيسة المارونية -“بكركي”- برئاسة البطريرك بشارة الراعي في سحب فتيل “مشكل طائفي” خطورته واضح على السلم الاهلي في البلد، في قضية سالت فيها الدماء التي خلفتها حوادث الطيونة. مما شكّل مظلة مسيحية لرئيس القوات اللبنانية سمير جعجع،  لا سيما بعدما حطّ البطريرك ضيفاً عند احد “أولياء الدم” رئيس المجلس النيابي نبيه برّي طلب موعداً وكان له ما اراد.
ضمنياً، اتفق الرجلان أيّ بريّ والراعي، على عدم نقل الوضع اللبناني إلى مستويات أكثر احتداماً نظراً للابعاد الكبيرة لأي منحى يمكن أن تُشتمّ منه محاولة تكرار تجربة إقصاء جعجع التي جاءت قبل 27 عاماً من ضمن مسار كاسِر للتوازنات الداخلية – الإقليمية – الدولية التي ارتكز عليها اتفاق الطائف.
وكان من المتوقع الّا يلبّي “الحكيم” إستدعاء مخابرات الجيش بناءً على طلب النيابة العامة العسكرية للاستماع الى افادته في اليرزة، لا سيما انّ ما يحصل في المرحلة الحالية لا يعدو كونه عملية تصفية حسابات سياسية بين كافة الأطراف، وتحديدا بين “القوات” و”حزب الله” من جهة وبين “التيّار الوطني الحر” و”حركة امل” من جهة ثانية.
هنا بيت القصيد، سعي حزب الله لإضعاف القوات وجعجع، في محاولة منه تصوير الـ 100 ألف مقاتل على أنهم في خدمة المسيحيين لا سيفاً مصلتاً عليهم، لكنها لا تعني بالضرورة رغبة في تقوية رئيس التيار الحر النائب جبران باسيل بقدر ما ينطوى على دفعه للبقاء في بيت الطاعة.
ويقول محللون إنّ الخلاف بين باسيل وبري قد يحتدم اكثر حتى الانتخابات النيابية، وخير دليل ما شهدته الجلسة التشريعية اليوم والتي انتهت بتطيير النصاب، معتبرين انّ غضّ الطرف عن احداث الطيونة اتى لصالح جعجع، اذ يراه رئيس المجلس سلاحاً ذو حدين لاخضاع التيار انتخابياً في الشارع المسيحي، خصوصاً بعد تراجع شعبية الاخير كما تشير الاحصاءات، في مقابل صعود اسهم القوات “الملموس” بعد التعاطف مع رئيسها على اثر استدعائه، هذا ما نُظر اليه على انه ضربة موجهة “لإذلال المسيحيين”.
فعلياً، بانت ملامح الخلافات امس، بعد الاتهامات التي ساقها  باسيل، متهماً برّي بالتواطؤ مع القوات اللبنانية، لنسف التحقيقات الجارية في تفجير المرفأ، كما لجهة التنسيق في المجلس النيابي في التعديلات المقترحة على قانون الإنتخاب.
كذلك يرى المراقبون، انّ هناك أشهراً صعبة أمام لبنان واللبنانيين قبيل الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة، خصوصاً على جبهة الخصمين اللدودين “امل والتيّار”، في ظل محاولات الأخير إحداث شرخ بين “الثنائي الشيعي”.
امام هذا الوقع، فإنّ كل عوامل التصعيد باتت موجودة على الارض، ويؤشر عليها الجمر الذي اشعله هجوم باسيل تحت رماد العلاقة بين “أمل” و”التيار”، اذ يكفي رصد جبهات التواصل الاجتماعي ليتبيّن حجم “الكلام الكبير” المتبادل بين الطرفين من فوق الزنار وتحته.
وعلى الضفة الاخرى، هناك حكومة سميت “حكومة الى العمل” و”حكومة انقاذ” لا تجتمع. في حين ان كيفية خروج البلد من معضلاته وأزماته السياسية والمالية والإقتصادية يتطلب منها عقد جلسات طارئة ومتتالية، الا انه من غير المعروف، ما إذا كانت ستجتمع مجدّداً، أم أنها ستتحوّل إلى حكومة تصريف اعمال شبيهة بحكومة حسان دياب لا أكثر ولا أقلّ.