كتبت رحيل دندش في الأخبار:
لم يعد لبنان بلداً «آمناً» لإنجاب الأطفال بعدما ضربت الأزمة الاقتصادية كلّ المقوّمات الأساسية والضرورية لبناء أسرة. «مش قادرين نقوم بحالنا، حتى نجيب ولد نظلمه معنا»، لسان حال كثيرين من المتزوّجين ممن أجّلوا مشروع الإنجاب بسبب الخوف من المستقبل المجهول الذي يخيّم على البلاد، وعدم وجود خطة ورؤية للخروج من الانهيار الاقتصادي.
يرتّب الإنجاب تكاليف مالية باهظة، قبل الولادة وخلالها وبعدها، مما لم يعد في متناول أكثر الأسر اللبنانية. تُرجم ذلك تراجعاً في عدد الولادات بنحو 15,5% من 86,584 عام 2019 إلى 74,049 عام 2020، بحسب أرقام المديرية العامة للأحوال الشخصية. وواقع التدهور المستمر يشير إلى أن هذه الأرقام ستشهد مزيداً من الانهيار نهاية العام الجاري. علماً أن نسبة الولادات في لبنان تراجعت إلى النصف (50 في المئة) عمّا كانت عليه في السبعينيات، وسُجلت النسبة الكبرى من التراجع في السنوات العشر الأخيرة.
الباحث المتخصّص في علم اجتماع الأسرة زهير حطب يلفت إلى تراجع الإقبال على الزواج بعد الأزمة الاقتصادية بنسبة تصل إلى ما بين 40 و43 في المئة، «وتقريباً، نصف المؤهّلين للزواج عزفوا عن هذه الخطوة، ولم يعد يفكر فيها إلا المقتدرون مادياً، بعدما وصلت نسبة الفقراء بين اللبنانيين إلى 73 في المئة، فكيف يجرّ الشاب على نفسه عبء التزام تأسيس أسرة». وبطبيعة الحال، انعكس ذلك تراجعاً في أعداد الولادات، «وحتى من أقدموا على الزواج خلال هذه الفترة، يتريّث كثيرون منهم قبل إنجاب طفل ويراجعون حساباتهم على ضوء المعطيات الراهنة».
وفي هذا السياق، ثمّة خشية من أن يكون «الإحلال السكاني» غير لبناني. فبحسب القاق، سجّل عام 2018 نحو 68 ألف ولادة لبنانية و59 ألف ولادة غير لبنانية غالبيتها لنازحات سوريات، وهو «ما يفرض واقعاً سكانياً واجتماعياً وبنيوياً مختلفاً عن السابق، وهي مشكلة لا تحتاج إلى التوصيف فقط، بل إلى إجراءات وسياسات عاجلة» يقول حطب.
المصدر: الأخبار