قال الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين, ان “توزيع إنفاق المواطن يختلف من فرد الى آخر، الّا انّ المحروقات باتت تستحوذ على ما بين 55 الى 60% من دخل الأسَر تُضاف اليها فاتورة المولد المرتفعة. وعليه، ما عاد هناك اي قدرة للانفاق عند اللبناني بحيث بات راتبه يوزَّع ما بين بنزين وغاز وتلفون ومازوت ومولد ولا يكفيه ما يضطره الى الاستدانه. واعطى على سبيل المثال مواطن من طرابلس يعمل في بيروت ويقصدها يومياً يحتاج الى مليون و600 الف ليرة شهرياً بدل مواصلات، وإذا كان راتبه مليونين ليرة فهذا يعني انّ 80% مِن دَخلِه يذهب لتسديد فاتورة النقل”.
وفي حديث لـ “الجمهورية”, اعتبر شمس الدين, ان “الضائقة بدأت منذ سنتين، الا ان المواطن كان يصرف من مدّخراته ليعيش، وكُثُر أقدموا على بيع الذهب مع العلم انّ ارتفاع الاسعار كان لا يزال مقبولاً في تلك المرحلة، انما اليوم تبدلت الاحوال حتى يمكن القول ان الأزمة الفعلية بدأت اعتباراً من شهر حزيران مع انتهاء مدّخرات اللبنانيين من جهة، وبدء رفع الدعم عن المحروقات من جهة اخرى ما أدّى الى ارتفاع اضافي في اسعار السلع متأثرة بارتفاع كلفة النقل. والسلة الغذائية التي كانت تكلّف 450 الفاً ارتفعت الى 3 ملايين ونصف المليون ليرة. وبالتالي، بات المستهلك مُجبراً على تحديد اولوياته لدى الشراء. الآن بدأت الأزمة”.
ورداً على سؤال، قال شمس الدين: “ما من شيء مدعوم سوى الكهرباء والاتصالات والخدمات التي تقدمها الدولة ومتى رفع الدعم عنها ستزيد المشكلة تعقيداً”، لافتاً الى ان “عاملاً وحيداً لا يزال يهدئ الامور وهو التحويلات المالية التي تصل الى اللبنانيين من ذويهم المغتربين، فاستلامهم 200 دولار شهرياً الى جانب مدخولهم بالليرة اللبنانية يكفيهم للصمود”
تابع, “حتى الذين يقبضون رواتبهم بالدولار او يستلمون مساعدات من الخارج تأثروا بالأزمة، إنما أقل من الذين يقبضون رواتبهم بالليرة اللبنانية”.
ورأى شمس الدين, اننا “مقبلون على كارثة اذا لم يتم لجم ارتفاع الدولار مقابل الليرة، فالتسعيرة الاخيرة لصفيحة البنزين أتت وفق دولار 16 الفاً، لكن متى سُعّرت وفق دولار 20 الفاً فنحن نتحدث عن سعر صفيحة قد يتخطى الـ 300 الف ليرة، ناهيك عن ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً. وعزا حركة السيارات الناشطة في الطرقات رغم ارتفاع اسعار المحروقات الى لجوء آلاف المواطنين في المرحلة السابقة وقبَيل الحديث عن رفع الدعم الى تخزين البنزين في منازلهم عندما كان لا يزال سعر الصفيحة بـ77 الفاً، وهؤلاء لا يزالون حتى الان يصرفون من مخزونهم ولم يشتروا بعد وفق التسعيرة الجديدة. وتوقّع ان تتقلص حركة السير على الطرقات بعد أسبوعين، مع مُشارَفة هذا المخزون على الانتهاء”.