عرض رئيس مجلس النواب نبيه بري، في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، مع رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة للأوضاع العامة وآخر المستجدات السياسية.
وقال السنيورة بعد اللقاء: “لقد كانت مناسبة طيبة كالعادة عندما أزور دولة الرئيس نبيه بري للتباحث والتشاور في كل الامور التي يتعرض لها لبنان في هذه الاونة وهذه المرة ككل المرات، كانت مناسبة لاستعراض الكثير من القضايا والمسائل التي يعاني منها اللبنانيون، وفي هذا السبيل لا بد لي من ان استذكر انه وقبل تسعة اشهر بالتمام، ويوم السادس من كانون الثاني عام 2021، كنت في زيارة للرئيس بري وقلت من هنا ان كل يوم تأخير في عملية تأليف الحكومة هو بمثابة شهر إضافي من الاوجاع والآلام التي سوف يتعرض لها لبنان وهذا في الواقع هو الذي نعيش آثاره وتداعياته الآن، إذ بعد تسعة اشهر من هذه المراوحة والتي طالت فعليا ثلاثة عشر شهرا منذ العاشر من التاريخ الذي استقالت فيه حكومة الرئيس حسان دياب ولبنان يعاني الامرين”.
أضاف: “نحن نشهد ما هو التدهور الذي اصبح عليه لبنان، وما هي الحاجة الحقيقية من أجل الخروج من هذا المأزق الخطير، وهذا من الامور التي استعرضتها مع دولة الرئيس بري ان هناك حاجة ماسة لمعالجة هذه المشكلات التي اصبحت اشبه ما تكون بمريض لديه اشتراكات عديدة من عدة امراض ولم يعد هناك من دواء يؤخذ لمعالجة كل هذه الامراض، انها تحتاج مجموعة من الادوية والمعالجات والصدمات الايجابية للخروج من المأزق، وهذا الامر طبيعي، باعتقادي ان هناك العديد من الامور التي يمكن للحكومة وللدولة اللبنانية ان تتقدم على مساراتها ومن ذلك والى جانب موضوع الكهرباء التي يعاني اللبنانيون جراءها الكثير، وايضا في ما يتعلق بالمفاوضات التي يجب ان تتم مع صندوق النقد الدولي بعد كل تلك المشكلات التي عانت منها الدولة اللبنانية والاختلافات حول موضوع توزيع الخسائر وغيرها والتي اعتقد يجب ان يكون الطرح مختلفا عن الذي جرى، اذ ان لبنان ليس دولة مفلسة وبالتالي عملية تصفية الدولة اللبنانية إذ يجب ان تطرح القضية من زاوية كيفية المشاركة في عملية استنهاض لبنان والخروج من هذه المآزق”.
وتابع: “هذه المقاربة يجب ان تتم عكس التي جرى طرحها وكأنها عملية تصفية الدولة اللبنانية بينما ينبغي ان يكون الطرح عملية المشاركة، عندها يجب استنهاض الناس للخروج بحلول حقيقية. ولكن بالاضافة الى معالجة موضوع الكهرباء والتوصل الى تفاهم والتوافق مع صندوق النقد الدولي والذي يقصد منه تعزيز الثقة لدى اللبنانيين بالدولة وتعزيز الثقة بها من قبل المجتمعين العربي والدولي. أعتقد انه على الاقل هناك ثلاث رسائل اساسية يجب ان توجهها الحكومة اللبنانية الى اللبنانيين والمجتمع الدولي والعربي، وهي باعتقادي لا تكلف مالا انما هي كفيلة بأن تقدم منافع كثيرة للبنانيين تتضافر مع كل الجهود الاخرى على الصعد المالية والاقتصادية”.
وقال: “بداية المسألة التي يجب ان توجهها الحكومة اللبنانية موضوع استقلال القضاء والتوقف عن استعماله مخلبا للنيل من الاخصام السياسيين او الاقتصاص منهم، هذه الرسالة يجب ان تكون واضحة لدى الحكومة والقيام بها من خلال التأكيد على توقيع التشكيلات القضائية التي يجب ان تأخذ بالاعتبار الفترة الزمنية ربما ذهب احدهم الى التقاعد او ما شابه، وبالتالي هناك رسالة اساسية يجب ان توجهها الحكومة من اجل التأكيد على استقلال القضاء”.
أضاف: “الامر الثاني يتعلق بعلاقة لبنان مع الدول العربية، اذ يجب على الحكومة ان توجه رسائل واضحة ليس فقط بالكلام بل من خلال ممارسات بأن لبنان بلد عربي، ملتزم بقضايا العرب، وعربي الهوية والانتماء وليس مكانا لتصدير الارهاب ولا المخدرات. ينبغي التأكيد على العلاقة التي تربط لبنان واللبنانيين في المغتربات وأن يصار الى تصويب السياسة الخارجية اللبنانية لكي تنسجم مع مصالح لبنان واللبنانيين، ان الطريقة التي تتبع الان لا تؤدي الغرض المطلوب الذي يحتاجه لبنان ويحتاجه اللبنانيون من اجل تصويب علاقاتهم وتعزيز علاقاتهم مع الدول العربية ومع اسواقهم في هذه الدول”.
وتابع: “أما الأمر الثالث فهو رسالة ايضا واضحة يجب ان توجه بأن الحكومة ملتزمة باعتماد المعايير التي تتعلق بأي تعيينات يجب ان تتم في المرحلة المقبلة تكون مبنية على الكفاءة والجدارة والاستحقاق، وذلك بطريقة تنافسية وشفافة لان هذا ما نالنا على مدى هذه السنوات من استتباع للادارة اللبنانية بحيث فقدت الادارة اللبنانية حياديتها واصبحت مستتبعة من قبل الاحزاب الطائفية والمذهبية والميليشياوية. هذا الامر يجب ان يعالج من خلال توجه واضح وصريح وملتزم بأن الدولة اللبنانية سوف تتبع المعايير الصحيحة من اجل الاختيار ليس بطريقة استنسابية او ارضاء للاحزاب مما نزيد في اغراق البلد بالمشكلات”.
وكرر التأكيد على “هذه الامور الثلاثة: استقلال القضاء، توجهات لبنان والتزامه بالموقف العربي الصحيح، وتصويب السياسة الخارجية اللبنانية، والموضوع المتعلق بالكفاءة والجدارة، على ان يصار الى اخضاع المسؤولين بتعيينات لما يسمى بالمحاسبة على الاداء”.
وقال: “أود أن أذكر هنا بمشروع القانون الذي كانت ارسلته حكومتي في العام 2006 في ما يتعلق بموضوع اخضاع جميع مؤسسات الدولة واداراتها العامة وكل ما له علاقة بالمال العام للتدقيق، اضافة الى ما تقوم دوائر ديون المحاسبة اخضاعه للتدقيق التي تجريه شركات التدقيق الخارجية في العالم. هذه الامور من أجل ما يسمى استعادة الثقة، فهناك ثقة انهارت من قبل اللبنانيين ومن قبل المجتمعين العربي والدولي لا يمكن ان تستعاد هذه الثقة فقط بالكلام بل بالاجراءات التي على اساسها يبدأ اللبنانيون والاشقاء والاصدقاء في العالم يشعرون ان هناك صدمة إيجابية تلتزم بها الدولة اللبنانية وألا يصار الى التحريف بها والتخلي عنها”.
وردا على سؤال، أكد السنيورة ان “في لبنان قواعد ودستورا يجب ان يحترما، ومن جهة ثانية ان تحترم القوانين، وبما ان ما جرى فعليا هو جريمة بحق اللبنانيين وكأنها جريمة القرن، بدل ان يصار الى افساح المجال لكل الاراء من هنا وهناك وبالتفسيرات احيانا مخالفة للدستور وأحيانا للقانون، فالحل برفع الحصانات عن جميع الناس بغض النظر عن مواقعهم، وهذا ما يطالب به اللبنانيون، وبأن يصار الى كشف ليس ما يجري الان بالتأكيد على ما يسمى التقصير الاداري والمهني والوظيفي بل العودة الى أصل المشكلة كيف أتت هذه الكميات وكيف أنزلت وكيف أبقي عليها وكيف كان يجري السحب منها والى اين كان يجري تهريب تلك المواد وكيف جرت عملية التفجير. هذا الامر بحاجة الى ألا تكون هناك حصانات وابواب مغلقة على اي احد”.
وقال: “كنا طالبنا في 5 آب 2020 بالاستعانة بلجنة تقصي حقائق دولية او عربية لاننا لاستشعارنا بالمشكلات التي تواجهنا الان، والمطلوب العودة الى الاصول برفع او تعليق الحصانات في هذه القضية بالذات لترييح البلد إذ أن إثارة الشكوك بها ليست من مصلحة أحد، فالعدالة عدالة كاملة عندما لا تكون متأخرة بل الآن، يجب ألا تكون هناك أبواب موصدة وألا يتسلل احد كي لا يكون القضاء مخلبا للاقتصاص من الخصوم السياسيين، وهذا ما يخيف اللبنانيين ويجب التنبه له”.
وختم: “التحدي الاساس امام الحكومة ان يتصرف أعضاؤها كفريق عمل واحد وتعود الى الاصول واحترام الدستور والتوقف عن خرقه كما جرى في عملية التأليف ونراه حتى الان مستمرا، فلا يجب التصرف بالامور على حساب الدستور والقانون وهذا ما يجب ان يكون واضحا للجميع. واعتقد ان هذه فرصة للحكومة كي تثبت هذه المواقف لان الاستمرار بالانحراف سيكون له نتائج غير مرضية للبنانيين”.