قام المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بزيارة رسمية الى جمهورية البانيا، بدعوة من رئيس الوزراء إيدي راما، الذي قلده وسام “النجمة الكبرى المكللة” عربون امتنان وتقدير لاسهامه في إعادة نساء واطفال البان من مخيمات الحرب في شمال سوريا. وذلك في اﺤﺗﻓﺎل رسمي اقيم في مقرّ رئاسة الحكومة الالبانية، حضره الى جانب رئيس الوزراء، وزير الداخلية الالباني بليدي تشوتشي، وزير الدفاع نيخو بيليشي، وزيرة الخارجية أولتا جاتشا، مستشار الرئيس القنصل مارك غريّب، مدير عام الامن العام الالباني غليديس نانو ورئيس الاستخبارات الالبانية هيليدون بندو.
وفي المناسبة، القى رئيس الوزراء الالباني إيدي راما كلمة عبّر فيها عن تثمينه للجهود التي بذلها اللواء عباس ابراهيم في مساعدة النساء والاطفال للخروج من ﺗﻟﻙ المخيمات. وجاء في خطابه:
نجتمع اليوم من أجل صديق ساعدنا بسخاء في الاوقات العصيبة عبر تفانيه الاستثنائي من أجل انقاذ أطفال ونساء بؤساء، وانتشالهم من براثن الجحيم في مخيمات الحرب السورية.
وكما درجت الشاعرة الاميركية مايا أنجيلو على القول: “إن البطل هو ذاك الشخص الذي يقصد فعليا جعل العالم افضل من اجل الناس اجمعين”. ليس من تصوير أدق من ذلك في ما يخص اللواء عبّاس ابراهيم، الموجود اليوم بيننا، وأريد أن أشكره لمجيئه، من خلال كلمات الشاعرة.
خلال العمليات التي قدناها في الاعوام الثلاثة الاخيرة، حين تم استرجاع عدة اطفال ونساء الى الوطن من مخيم “الهول” الشهير، شكّل اللواء عباس ابراهيم دوما نقطة ارتكازنا، وكان يدنا الممدودة لأولئك الاطفال والنساء، لقد كان الأفضل، والاشد مثابرة. كان ذاك الألباني الدؤؤب الذي لا ينتظر شيئا في المقابل، بل يهتم فقط للمصلحة الانسانية من اجل اعادة أولئك الاشخاص المنكوبين واخراجهم من الجحيم.
أعتقد أن الجميع يتذكر العملية الاستثنائية لانقاذ “ألفين”، الصبيّ الذي تحوّل الى رمز للتضامن، وشكّل محطّ التماس من عشرات آلاف المواطنين في البانيا من اجل انقاذه. حسنا، فإن هذه العملية تمّت إدارتها بنجاح بفضل اللواء عباس ابراهيم، الموجود هنا اليوم من أجل تكريمه وتقديم امتناننا له. تكرر الأمر مع استعادة 5 اطفال بعد فترة وجيزة و14 طفلا آخرين و5 نساء لاحقا. كل هذه الجهود المستمرة مرتبطة بشكل وثيق بإسم اللواء عبّاس ابراهيم.
يتعلق الأمر بالمثابرة في تنفيذ عمليات صعبة وخطرة بشكل متزايد، تشوبها مشاكل معقدة للغاية تفرضها المجموعات الخطرة العاملة في تلك المناطق، فضلا عن مضاعفات اخرى كبيرة بسبب الوباء.
لكن اليوم، وبالرغم من هذه الصعوبات كلها، يتنفس ألفين بريشا وأماري وإميلي وهاتيكشه رشا وإندريت دوماني والعديد من الأطفال الآخرين اليوم بحرية في موطنهم، ويعيشون حياة آمنة وصحية مع أسرهم، وذلك بفضل شخص أصبح بالنسبة لهم والدا مجهولا، وهو على نقيض والديهم الحقيقيين الذين كانوا للأسف السبب في اقتيادهم الى ذلك الجحيم، لم يستسلم الى حين اصطحبهم شخصيا إلى باب الطائرة.
يجسّد اللواء كل سخاء ولطف وثقافة بلاده، ويشارك من خلال عمله اليومي- ليس مع المجتمع اللبناني فحسب بل مع الجميع- بتوجيه رسالة قوية تعلي قيم الانسانية والحرية وحقوق كل انسان بغض النظر عن الدين او البلد او المعتقدات.
لقد ساعدت العمليات التي تمت ادارتها بنجاح من خلال الدعم السخي ﻠلواء، الرأي العام هنا بأكمله وأمتنا بأكملها على إدراك الطريق المسدود الذي سلكه للأسف بعض الآباء الذين أعماهم التطرف وهم وجّهوا اليه عائلاتهم وأطفالهم.
يدرك الناس اليوم أكثر من أي وقت مضى العبثية وعدم الفهم، والجانب الحقيقي واللاإنساني للسلوك في طريق التطرف.
اليوم، وفقا للبيانات التي نعمل ونعتمد عليها، لأننا نعلم جيدا بأن البيانات نسبية، قمنا بالفعل بإعادة أكثر من نصف المواطنين الألبان من تلك المعسكرات. ان الجهود مستمرة على الرغم من زيادة الصعوبات، لأن الوضع في المخيمات غير مستقر وأصبح الآن من غير الوارد التفاوض مع سلطة واحدة، بل يتعلق الامر بالتفاعل مع العديد من الأفراد وعوامل متعددة، كل منها ينافس الآخر بغموضه، وواحدها يتجاوز الآخر بخطورته.
أودّ أن أعبّر عن خالص التقدير ﻠلواء على الشجاعة التي قدمها لنا من خلال تعهده بإنقاذ جميع هؤلاء الأطفال ولطمأنتنا بأنه يمكننا الوفاء بهذا التعهد. ليس ذلك فحسب، بل أود أيضا أن أشكره على تهيئة الظروف المثلى لتوفير الامن الجسدي للأفراد الألبان الذين شاركوا في العمليات سواء في لبنان، أو في عمليات التسلل الى داخل الأراضي السورية. وايضا لتوفيره جميع الموارد اللوجستية لدعم العملية، وبالتأكيد لقدرته على التأثير على أصحاب المصلحة من السياسيين الآخرين ونحن ليس لدينا أي اتصال مع بعضهم ولا حتى امكانية اتصال على الإطلاق.
لقد افتتحنا القنصلية العامة لألبانيا في بيروت، والتي كانت مرة أخرى مساهمة لا تحمل أي تكلفة على الإطلاق للدولة الألبانية، ولكن تم افتتاحها من قبل القنصل العام في لبنان السيد مارك غريب الذي يعود إليه الفضل باعتباره من عرّفنا باللواء عباس ابراهيم، وبهذه الطريقة تم بناء هذه السلسلة من الصداقة والتضامن والتعاون بين الشعوب، وهؤلاء اليوم متحدون من اجل هدف واحد مشترك يتجاوز السياسة والحدود والجغرافيا، إذ يتمثل هدفهم بجعل العالم مكانا أفضل بموجب العقيدة الايمانية للنبي محمد: “من ينقذ واحدا – فكأنه قد أنقذ البشرية بأكملها”.
أغتنم هذه الفرصة لأعرب بكل احترام وودّ عن تقديري للقنصل الفخري أيضا، ونظرا إلى أنه في كل مرة كنا نلتقي فيها باللواء في وطنه طالما توسلته لزيارة ألبانيا حتى أتمكن من الإعراب عن الامتنان بالنيابة عن الشعب الألباني بأكمله وأمام أعين الألبان جميعهم، يشرّفني ويشرّفنا جميعا بأن ندعوك كصديق لنا هنا في موطننا.
كما اعتاد الشاعر اللبناني الشهير جبران خليل جبران أن يقول: “الصديق البعيد يكون أحيانا أقرب بكثير من ذاك القريب”. هذه هي حالة نموذجية أوضحها بأفضل طريقة الاقتباس من الشاعر العظيم.
أيها اللواء، إن الكلمات لا تفي الغرض من اجل مكافأة مأثرتك، وبغض النظر عن المدة التي يستغرقها كلامي ستكون كلماتي مرة أخرى غير كافية تماما مثل وسام الامتنان العام، والذي على الرغم من أنه يعبر رسميًا عن أرفع امتنان، إلا أنه يبقى رمزيا ولا تظهر اهميته فعليا كما تظهر اهمية عملك.
لقد ضمنت مستقبلا أفضل للعديد من الأطفال ومنحتهم الفرصة للنمو في منازل عائلاتهم، وأود أن أؤكد لكم اليوم أن ألبانيا هي منزلكم وأن وطننا هو لكم ايضا.
مع كل الاحترام، أود أن أدعوكم لتقلّد وسام الامتنان العام.
بعد تقليده الوسام، ألقى اللواء عباس ابراهيم كلمة تعهد فيها بأنه وفريق عمله سيستمرون ببذل كل ما في وسعهم من اجل تحرير الرهائن بغض النظر عن المخاطر المحدقة. وجاء في الكلمة:
“يشرّفني أن أكون حاضرا في الأرض التي احتضنت ابناءها وبناتها، وفي بلد يحفظ حياة مواطنيه وحقوقهم. يشرفني حضور هذا الحفل التكريمي ليس امتنانا فحسب، ولكن كتقدير لقيمة الحرية وهي حق أساسي لكل انسان”.
أضاف اللواء ابراهيم: “إن البانيا، كما سواها من البلدان الشاسعة، تألمت من الكوارث التي رتّبها الارهاب في العالم، إن البانيا كمجتمع وكمسؤولين رسميين دفعت ثمنا باهظا في غضون عامين، كان هنالك نساء واطفال معتقلين ومصيرهم كان مجهولا. شكل هذا الملف منذ البداية أولوية لمعالي رئيس الوزراء، ونقطة ارتكاز لاهتمامه المستمر، استدعى من قبله متابعة دقيقة وجهودا لا تتوقف من اجل اتمام عملية تحرير عائلات من مخيمي “الهول” و”الروج” في ريف الحسكة شرقي سوريا والذي تديره القوات الكردية”.
تابع اللواء ابراهيم: “لم تكن المفاوضات سهلة، وكان مدى الألم ضخما. لقد تحملت الدولة مسؤوليتها تجاه مواطنيها استجابة لقلق العائلات وخوفها. نجحت الجهود في استعادة الاطفال والنساء، ولا يمكن وصف شعور اعادة حريتهم لهم. لقد شكل يوم تحريرهم يوما للحرية لكل واحد منا، يوم حرية للبنان ولألبانيا. بالرغم من الظروف التي يمرّ بها لبنان، فهو يستمر في مدّ يد العطاء لأصدقائه وللمجتمع الدّولي”.
وتابع اللواء ابراهيم في كلمته: “أريد أن أؤكد من المكان الذي أقف فيه الآن، وأيضا من أي مكان أتوجه اليه: لا يجب أن نألو جهدا للتفاوض بهدف تحرير أي معتقل بالرغم من الصعوبات التي نواجهها والمشكلات التي نصرّ دوما على اجتيازها. بالرغم من المخاطر التي يواجهها عناصرنا في الامن العام اللبناني، واتحدث عن المخاطر الميدانية حين يطأون للمرة الاولى ارضا خطرة، فنحن ندرك جيدا معنى الحرية وحسّ الامن والأمان، وندرك تماما مآسي التوقيف والاعتقال والخوف”.
وختم اللواء ابراهيم كلمته قائلا: “ختاما، أودّ أن أعبّر عن شكري الخالص لمعالي رئيس الوزراء السيد إيدي راما وجميع المسؤولين الرسميين من أجل هذا التكريم الذي أريد اهداءه للبنان ولألبانيا ولكلّ من عمل من أجل البشرية وحريتها في العالم. وفي هذه المناسبة، أدعو الى تحرير جميع المعتقلين في العالم، ولتحرير الشعوب من الارهاب والخوف، واناشد زعماء العالم للعمل لنشر لغة السلام عوض لغة الحروب والاحقاد، ولأن يسود الحوار في ما بينهم بغية حلّ الصراعات من أجل خير البشرية وحقها بالعيش بحرية وأمان”.
ومن ثمّ استضاف الرئيس راما اللواء عباس ابراهيم والحضور على مأدبة غداء في قصر الرئاسة.
وكان اللواء ابراهيم استهل زيارته الرسمية لألبانيا بتاريخ 7/10/2021 بلقاءين مع رئيسة البرلمان نيكولا ليندينا ووزير الداخلية بليدي تشوتشي، وفي اليوم التالي التقى رئيس الوزراء إيدي راما ورئيس الاستخبارات هيليدون بندو.