بسام أبو زيد
تدخلت الولايات المتحدة في ملف الكهرباء في لبنان من زاوية إنسانية، باعتبار أن الانقطاع المتواصل للكهرباء وفقدان مادة المازوت للمولدات وضع كل القطاع الصحي والاستشفائي والغذائي في خطر، ولذلك رغب الأميركيون في تأمين كهرباء في شكل مستمر للبنان من خلال استجرار الغاز من مصر إلى معمل دير عمار في شمال لبنان، ومن خلال استجرار الكهرباء المنتجة في الأردن إلى الشبكة اللبنانية عبر الشبكة السورية، وتحدث الأميركيون مع المصريين والأردنيين وتواصلت أطراف ثالثة مع السوريين، فكان قبول بهذا المشروع الذي سيستفيد منه لبنان وسوريا والأردن ومصر، لا سيما وأنه سيتيح للجانب السوري مثلاً أن يتخلص من عبء بعض العقوبات التي يفرضها قانون قيصر.
ولأن المنطلق في هذه المبادرة الأميركية هو إنساني، يتوقع ألا تلقى عملية تمويل استجرار الغاز والكهرباء صعوبات في التمويل، فكما تمّ تمويل مساعدة النازحين مثلاً، يفترض أن يتم تمويل هذا الاستجرار من قبل البنك الدولي ومن قبل مؤسسات الأمم المتحدة المعنية.
هذه المبادرة الأميركية ليست ردة فعل على استقدام “حزب الله” المازوت والبنزين الإيراني إلى لبنان، فالبحث فيها بدأ منذ أكثر من ستة أشهر وربما كان خطأ الإعلان عنها في أعقاب إعلان الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أنه سيستقدم المحروقات الإيرانية، فقد كان من الأفضل لو تم الإعلان عن هذه المبادرة لحظة البدء بالتفاوض في شأنها.
في نتائج المبادرة الأميركية، إن وصلت إلى خواتيمها السعيدة، أن معمل دير عمار سينتج الطاقة الكهربائية بكامل طاقته أي 450 ميغاواط باستخدام الغاز ما يعني أيضاً توفيراً بمئات ملايين الدولارات التي كانت تدفع ثمن غاز اويل، كما سيكون بإمكان لبنان استجرار نحو 200 ميغاواط من الكهرباء الأردنية وسيضاف كل ذلك إلى ما تنتجه المعامل الأربعة في الذوق والجية ومعمل الزهراني، ما يعني أن إنتاج الكهرباء، إذا انتظم استجرار الغاز والكهرباء ووصول سفن الغاز والفيول أويل، قد يتجاوز الف ميغاواط ما يؤدي إلى استقرار الشبكة وزيادة ساعات التغذية.
إن حصل كل ذلك ستكون المسؤولية كبيرة على الحكومة ووزارة الطاقة تحديداً في مواكبة المبادرة الأميركية والعمل على إصلاح قطاع الكهرباء من كل النواحي، وتوفير المزيد من الإنتاج ووقف الهدر التقني وغير التقني ورفع التعرفة، ويبدو أن هذه المبادرة هي الأمل الوحيد لفك الحصار الكهربائي عن الشعب اللبناني، والمفروض عليه منذ سنوات من قبل أصحاب التجاذبات السياسية في هذا الملف ورؤوس مافيا المحروقات والمولدات.