تقرير الصحيفة، وهو عمل مشترك بين مؤسسة وحدة التحقيقات الاستقصائية السورية (سراج) ومشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد، تجربة يوسف، وهو سوري يبلغ من العمر 32 عاماً يعيش في السويد. وأشار التقرير إلى أن يوسف، وجد نفسه أمام خيارات مستحيلة وهي: إما الانضمام إلى “جيش الحكومة التي جعلته لاجئاً، أو المخاطرة بفقدان عائلته منزلها في سوريا”.
ولفت إلى أن الخدمة العسكرية إلزامية للرجال السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و42 عاماً، مضيفاً أن السوريين شعروا بقلق متزايد من تبعات “تهربهم” من الخدمة في شباط/فبراير، بعد أن أعلن مسؤول عسكري عبر “فيسبوك” عن قانون جديد سيسمح للسلطات السورية بمصادرة ممتلكات “المتهربين من الخدمة” وعائلاتهم.
بعد الاعلان، اتجه يوسف مباشرة إلى السفارة السورية في ستوكهولم مع مبلغ 8 آلاف دولار نقداً، لدفع رسوم سحب اسمه من قوائم التجنيد الإجباري. ونقل التقرير عن يوسف قوله: “سيستخدم النظام السوري هذه الأموال لشراء أسلحة وقتل المزيد من الناس”.
بدوره، قال غيان، الذي يعمل في بيت لرعاية المسنين في فرانكفورت بألمانيا، إنه لا يمانع من دفع المال “لحماية ممتلكات العائلة في سوريا ومنع مصادرتها”. من جانبه، امتنع عبد الله جعفر، يعيش منذ 8 أعوام في مدينة غوتنبرغ السويدية، عن دفع رسوم الإعفاء من الخدمة العسكرية لأنها “نوع من الابتزاز”، وقال: “لدي المبلغ كاملاً ولن أدفعه لأن هذه الحكومة غير شرعية”.
وأشار التقرير إلى أن العديد من الدراسات أظهرت أن مسألة التجنيد الإجباري كانت سبباً رئيسياً لخوف العديد من اللاجئين من العودة إلى سوريا، لافتاً إلى أن “حكومة النظام السوري تمكنت من تحويل هذا القلق إلى إيرادات، بجمع عملات أجنبية من حوالى مليون سوري في أوروبا، بهدف دعم ميزانيتها المتعثرة بعد العقوبات الأميركية”.
ونقل التقرير عن باحثين ومسؤول في المطار ودبلوماسي سابق، إنهم يشتبهون في أن الأموال ترسل إلى سوريا عبر حقائب دبلوماسية، مشيراً إلى أن ذلك يعد انتهاكاً لاتفاقية فيينا لعام 1961 بشأن العلاقات الدبلوماسية والتي تنص على أن “الطرود التي تشكل الحقيبة الدبلوماسية يمكن أن تحتوي فقط على وثائق دبلوماسية أو مواد مخصصة للاستخدام الرسمي”.
وقال أرميناك توكماجيان، الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، إن “النقص في العملات الأجنبية أصبح مشكلة حادة، خصوصاً بعد دخول قانون قيصر حيز التنفيذ”. وأضاف “يحتاج النظام إلى العملة الأجنبية. وكلما زاد عددها، كلما طالت مدة بقائه”.
بدوره، أشار موظف في السفارة السورية في ستوكهولم إلى أن “هناك زيادة ملحوظة” منذ بداية 2021 في عدد الذين تقدموا بطلبات الإعفاء من الخدمة، وقال إنه “في بعض الأيام، كان يأتي إلينا 10 أشخاص وفي أيام أخرى كان يصل الرقم إلى 50”. وفي حال كان ذلك دقيقاً، “فهذا يعني أن السفارة كانت تتلقى ما يصل إلى 400 ألف دولار نقداً في بعض الأيام”، بحسب التقرير.
وأضاف التقرير أن “حكومة النظام اتجهت مؤخراً بشكل متزايد إلى الشتات لملء خزائنها، وأصبحت تكلفة جواز السفر السوري من الأغلى في العالم، إذ بلغ سعر الجواز الجديد حوالي 220 جنيها إسترلينيا، و600 جنيه إسترليني للحصول عليه بسرعة”.
ويُتوقع زيادة الموارد من رسوم الإعفاء العسكري في عام 2021 إلى 240 مليار ليرة سورية (140 مليون جنيه استرليني) بزيادة 70 مليار ليرة سورية عن عام 2020، بحسب أرقام الجريدة الرسمية السورية.