كل محاولات رئيس مجلس النواب نبيه بري لتأمين نصاب جلسة «العريضة النيابية» باءَت بالفشل. حتى أقرب حلفائه في السياسة سعد الحريري ووليد جنبلاط لم يلبّيا رغبته بالحضور. طارت الجلسة، والثابت الوحيد حتى الآن أن «لا رفع حصانات عن أحد».
حصل ما كان «غير متوقع» مِن رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري و رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط. راهَن عليهما رئيس مجلس النواب نبيه برّي لتأمين نصاب الجلسة التي دعا إليها أمس، للتصويت على عريضة «الاتهام النيابية» وتأليف لجنة تحقيق برلمانية تُحيل الوزراء علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وفقَ المادتين 70 و71 من الدستور، لكنه لم ينجح في تحقيق مراده. لا «التحالف المتين» معهما نفع، ولا «المونَة» جعلتهما طيّعيْن هذه المرة. تركَ جنبلاط والحريري رئيس المجلس وحيداً. الأول قاطَع والثاني سجّلت كتلته حضوراً هزيلاً، فسقطت الجلسة التي أُرجئت إلى موعِد يحدّد لاحقاً
كانَ معلوماً أن الأمور لن تسير كما يريدها برّي. أساساً، صارت المعركة بشأن القضية أكثر وضوحاً. كل المُعطيات والوقائع تُشير إلى استثمارها في السياسة والانتخابات، ولم تكُن ادعاءات المحقق العدلي طارق بيطار الاستنسابية تحتاج لأكثر من إدارة برلمانية خاطئة تلاقيها في منتصف الطريق حتى يراوِح ملف رفع الحصانات مكانه. فلا الذين حضروا الجلسة نجحوا في تثبيت أمر المحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، ولا الذين قاطعوها حققوا شيئاً.
ورغم كل محاولات تأمين الأصوات اللازمة لعقد الجلسة لم يتغيّر شيء. بقيت المواقف على حالها، تحديداً لدى الكتلتين المسيحيتيْن الأكثر تمثيلاً (القوات والتيار الوطني الحر). وبينما كانَ موقف جنبلاط أيضاً ثابتاً وتوجّه الحريري ملتبِساً، لم يتوقف التواصل معهما وكانَ العمل جارياً حتى ليل أول من أمس مع كليمنصو لحضور الجلسة. أصرَ جنبلاط على المقاطعة، ونكث الحريري بتعهده حضور كتلته والتصويت مع العريضة.
فبعدَ نصف ساعة على انطلاق الجلسة، لم يكُن قد حضر إلى قاعة الأونيسكو سوى 25 نائباً من أصل 117. وبعد تأجيل لنصف ساعة إضافية ارتفع العدد إلى 30، مع أن البيان الصادر عن رئاسة المجلس أشار إلى حضور «39 نائباً» وهو ليسَ عدداً كافياً لتأمين النصاب (65 نائباً). فإلى جانب «الوفاء للمقاومة» و«التنمية والتحرير» و«الحزب القومي» و«المردة» التي غادرَ نوابها قبلَ رفع الجلسة، لم يحضر من نواب كتلة «المستقبل» سوى 4 هم عثمان علم الدين، وليد البعريني، محمد القرعاوي وبكر الحجيري. فيما تغيّب النائب طلال إرسلان «لأسباب صحية» كما قال صباحاً، علماً أنه كانَ قد أكد حضوره قبل يومين خلال اتصالات أُجريت معه، وأصدرَ بياناً بذلك.
في الشكل، فقدت الجلسة ميثاقيتها مع تغيّب المكونات المسيحية الأساسية (القوات والتيار)، والدرزية (إرسلان وجنبلاط)، بالتالي لم تكُن هناك من إمكانية لعقدها ولو تأمن نصاب من أطراف أخرى.
وبعد المداولات التي ركزت على قانون البطاقة التمويلية واسبابه الموجبة التي تربط رفع الدعم بإصدار هذه البطاقة، وكذلك بالموافقات الاستثنائية عن مجلس الوزراء التي اجازت لمصرف لبنان استعمال الاحتياطي الالزامي لفتح اعتمادات لشراء المحروقات ومشتقاتها على أن تسدد على سعر 3900 ليرة للدولار الواحد، بدلاً من 1500 ليرة، طالب عون الحاكم سلامة التقيد بهذه النصوص في أي اجراء يتخذه وبعد التنسيق مع السلطة الإجرائية التي ناط بها الدستور وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات.
من جهة أخرى، طلب عون من الوزير غجر ضبط الكميات الموزعة من المحروقات وتلك المخزنة لعدم التلاعب في أسعارها واحتكارها.