يتواصل ارتفاع مؤشرات أزمة المحروقات والكهرباء، مع غياب التدابير الهادفة لوقف التهريب والتخزين من قِبَل كبار المحتكرين، فيما الأجهزة الأمنية تلاحق صغارًا يخزّنون عشرات أو مئات الغالونات. فرغم أهمية ملاحقة مخزّني الغالونات وباعة السوق السوداء، إلا أن منبع الأزمة يكمن في منشآت النفط، ولدى مَن يغطّي كبار المستفيدين حزبيًا وسياسيًا.
ومع استمرار تجاهل الأسباب الحقيقية للأزمة، يضطر المواطنون للرضوخ لقرارات أصحاب المولّدات الخاصة، المحقة حينًا والتعسفية حينًا آخر. فهؤلاء ينفّذون جدول تقنين قاسٍ يتطور وصولًا إلى حد التوقّف الكامل عن إنتاج الكهرباء، بحجة عدم توفّر المازوت. علمًا أن بعض أصحاب المولّدات يتقاضون من المواطنين مبلغًا شهريًا مقطوعًا وليس وفق العدّادات، ما يعني أن المواطن يدفع فاتورة مرتفعة من دون أن يستهلك حاجته من الكهرباء.
ويبدو أن الأزمة تتجه نحو الأسوأ، خصوصاً وأن بعض البلديات تعلن عدم قدرتها على تأمين المازوت، فالمسألة لم تعد تنحصر بالأفراد من أصحاب المولّدات. وهذا ما أكّدته بلدية النبطية في بيان لها يوم الأحد 1 آب. وأشارت إلى أنه “نتيجة عدم توفر كمية المازوت ليومين متتاليين، تم قصراً إطفاء عدد من محطات التغذية الكهربائية التابعة للبلدية (حي السلام- حي الميدان- حي البیاض- حي الراهبات والوسط التجاري)، كما سيتم إطفاء المحطات الأخرى تباعًا عند نفاد الكمية، وذلك حتى وصول مادة المازوت المحتملة عصر اليوم”.
يأتي شح المازوت وتقنين كهرباء المولّدات، بالتوازي مع عدم قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على معالجة أزمتها. بل كانت المؤسسة قد بشّرت بـ”الدخول في مرحلة الخطر وصولًا إلى الانقطاع العام في إنتاج الطاقة الكهربائية، إذا ما استمرت الأمور على حالها، سيما لناحية عدم تأمين أي تسهيلات لدى الجهات المعنية لتوفير العملة الصعبة”. ومع أن مصرف لبنان أعلن أنه فتح اعتمادات للمؤسسة بقيمة نحو 240 مليون دولار في الأشهر الأربعة الماضية، إلا أنها لم تأتِ بثمار تُذكَر.
بالتوازي، يتراجع الحديث عن أزمة البنزين مع تراجع حدّة الطوابير في أغلب المناطق، وبسبب التأثير الأكبر لشح المازوت على يوميات المواطنين. علمًا أن الطوابير على المحطات ما زالت على حالها في منطقة الجنوب، وتحديدًا في قضائيّ صور والنبطية، ويحمّل المواطنون المسؤولية للثنائي الشيعي المسيطر على منشآت الزهراني، فيما ينظرون إلى الطوابير كيف تتراجع في مناطق أخرى، وخصوصاً في المناطق الممتدة من صيدا باتجاه بيروت وما يليها، حيث يعمد عدد من أبناء الجنوب إلى التوجه نحو بيروت لتعبئة البنزين بالسعر الرسمي.