عقد رئيس اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان جورج الحاج مؤتمرا صحافيا، في مقر الاتحاد العمالي العام، قال فيه: “من أجل استمرارية عمل القطاع المصرفي ودوره الوطني، من أجل ما تبقى من أموال للمودعين في المصارف، من أجل ديمومة عمل آلاف العاملين في القطاع المصرفي، من أجل هذه العناوين كانت هذه الدعوة التي من خلالها وعبر وسائل الإعلام الكريمة التي تمثلون سنتطرق إلى موضوع نعتبره بالغ الاهمية في هذا الزمن الرديء عنوانه اللجوء إلى رصيد الاحتياطي الإلزامي لتمويل سياسات دعم هدرت في سبيلها مليارات الدولارات من أموال المودعين”.
اضاف: “بداية، لا بد أن أتوجه بالشكر إلى رئيس وأعضاء هيئة المكتب في الاتحاد العمالي العام على استضافتنا وعلى تأييد رئيس الاتحاد العام بشارة الاسمر لتحرك اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان الهادف أولا وأخيرا إلى حماية أموال الاحتياطي الإلزامي البقية الباقية من أموال المودعين”، معربا عن اسفه لأن “يستغرب بعض من هم في السلطة مواقف صدرت مؤخرا عن جهات مصرفية واقتصادية وحتى حزبية نبهت الى خطورة المس بأموال الاحتياطي الالزامي الذي يفترض أن يشكل 15% من مجموع وادئع القطاع المصرفي بالدولار الاميركي”.
وتابع: “نقولها وبصراحة لهؤلاء السادة، أننا جميعا ظننا بأن الدولة بكل مكوناتها، سلطة تنفيذية وتشريعية مؤتمنة هي أيضا على أموال الناس ومدخراتهم، مثلما هي المصارف أيضا مؤتمنة على ودائع عملائها، فنحن كما العديد من الفاعليات المصرفية والاقتصادية والمالية لم نتوقع يوما أن تمتنع الدولة عن الايفاء بالتزاماتها المالية، لا سيما تجاه الخارج. فلبنان وفي أصعب الظروف استطاع، على مر السنين قبل اتفاق الطائف وبعده، تدبير أموره المالية وإعادة جدولة ديونه واحترام الاستحقاقات المالية الداهمة والآجلة”.
واعتبر ان “إعلان حكومة الرئيس حسان دياب التمنع عن تسديد مستحقات اليوربوند من دون التشاور مع الدائنين، وبتجاهل تام لنصائح جمعية مصارف لبنان وتمنيات حاكمية البنك المركزي، قرار ذو مضاعفات سلبية خطيرة على سمعة لبنان المالية والقطاع المصرفي وعلى مكانته في الاسواق المالية العربية والدولية”.
وقال: “نعم ، وافقت إدارات المصارف تارة برضاها طمعا بالربحية السهلة، وطورا مرغمة بفعل الظروف الضاغطة، لكن هذا الإقراض كان على الدوام استجابة لضرورات ومتطلبات استمرار الدولة في تأمين الحد الأدنى من الخدمات العامة وحقوق الموظفين المشروعة. إلا أن الدولة في المقابل لم تقم بإعادة هيكلة القطاع العام وبترشيد الإنفاق وفق خطة مبرمجة لوقف هدر المال العام ومكافحة الرشوة والفساد وضمان الحكم الرشيد بما يعزز الجباية والإيرادات ويصحح أوضاع الخزينة العامة”.
واكد الحاج ان “هذه المصارف متهمة اليوم من قبل المودعين أولا ، ومن الرأي العام ثانيا، بأنها شريكة في إفلاس البلاد إلى جانب سلطة حاكمة مسؤولة عما آلت إليه أوضاع البلاد والعباد من فوضى وفقر وانعدام الحد الادنى من الضمانات الاجتماعية”. وقال: “نعم، المصارف اليوم مربكة في تعاطيها مع عملائها، وهي منذ العام 2019 تنازع من أجل البقاء والاستمرارية. والحل المنشود بنظر القاصي والداني للخروج من هذه الأزمة يتمثل في الإسراع في تشكيل حكومة من الاختصاصيين غير الحزبيين تتولى إدارة كل الملفات بموضوعية وشفافية وبعيدا من المحاصصة الطائفية والحزبية. كما هي مدعوة الى إعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي لاستنباط الحلول المجدية للمشاكل الاقتصادية والمالية، ومن خلال التعجيل في إجراء الإصلاحات الضرورية لمعالجة مكامن الهدر وإعادة هيكلة المديونية العامة وهيكلة القطاع العام وإعادة ترتيب القطاع المصرفي بما يتناسب مع المتغيرات التي استجدت من جراء الانهيار المالي”.
واضاف: “نعم، الواقع المصرفي مرير ومقلق، فأموال المودعين في مهب الريح، ومستقبل المصارف على المحك، وآلاف الزملاء أصبحوا بلا عمل، فيما البقية الباقية من الزملاء قلقة على استمرارية عملها المهددة، والتناحر على أشده بين إدارات المصارف وعملائها الذين يتهمونها بأنها ساهمت في تبديد أموالهم وجنى عمرهم”.
وتابع: “قررنا في تشرين الثاني 2019 إعلان الاضراب حفاظا على استمرارية عمل المصارف وتجنبا للوقوع في حالة الإفلاس وإفساحا في المجال أمام إدارات المصارف لترتيب أوضاعها وتكييفها مع الظروف التي استجدت من جراء تزايد الطلب على السحوبات، وتمنينا آنذاك اعتماد معايير موحدة من قبل كل إدارات المصارف في تعاطيها مع عملائها. نفذنا الإضراب بينما لم تنفذ كليا المعايير الموحدة، وهكذا أنقذنا القطاع من الانهيار لكننا اتهمنا من قبل المودعين بأننا مطية في أيدي أصحاب المصارف، رغم ما تعرض له عشرات الموظفين من إهانات وتهديدات وما لحق بهم من أذى جسدي وضرر مادي”.
وقال: “اليوم، ومن منطلق حرصنا على ما تبقى من أموال للمودعين، وحفاظا على ما تبقى من دور للقطاع المصرفي على الصعيد الوطني، وضمانا لاستمرارية عمل ألوف العاملين في المصارف الذين يعتاشون من الوظيفة المصرفية، نعلن وبصوت عال: نرفض المس بأموال الاحتياطي الالزامي لاستخدامها في سياسات اعتباطية وإجراءات متسرعة متخذة تحت ظروف آنية ضاغطة، ما لن يجدي المواطن نفعا، بل يتهدد رصيد وديعته المصرفية بالتبديد، ناهيك عن المخاطر التي ستتعرض لها المصارف من جراء استخدام أموال الاحتياط الالزمي في غير محله”.
ولفت الحاج الى ان “الهدف من وجود الاحتياط الإلزامي تأمين السيولة للمصارف عند الضرورة وإعطاء المودعين ثقة تضاف الى ما تؤمنه مؤسسة ضمان الودائع ورأس مال المصارف والاحتياطات المفروض تكوينها ضمن ميزانية كل مصرف ونسب السيولة والملاءة المطلوبة. ان الاحتياطي الالزامي وديعة للمصارف في مصرف لبنان، هو دين على مصرف لبنان يتوجب عليه إعادته للمصارف، وهو جزء أساسي من أموال المودعين في القطاع المصرفي”.
وقال: “ان استعمال الاحتياط الإلزامي سيؤدي الى:
– زيادة الضغط على المصارف لتأمين السيولة اللازمة لتغطية الودائع.
– إضعاف الثقة أكثر بالقطاع المصرفي الذي سيفقد المزيد من قدرته على تسديد الودائع.
– إضعاف الثقة أكثر وأكثر بمصرف لبنان الذي يستنسب بتعديل قراراته في الاوقات الصعبة تحت ضغط السلطة السياسية.
– إفلاسات للمصارف التي لن تتمكن من تأمين السيولة وزيادة رأسمالها.
– إضعاف الليرة اللبنانية بشكل متسارع فمصرف لبنان سيطبع المزيد من الليرات اللبنانية لتسديد الودائع بالعملات الاجنبية”.
اضاف: “تداركا لكل هذه المخاطر، نطالب المجلس النيابي بالإسراع في إصدار قانون يحظر استعمال أموال الاحتياطي الالزامي إلا وفق ما نص عليه قانون النقد والتسليف، قانون شبيهة أهدافه بالقانون الذي يحظر استعمال الذهب”.
وتابع: “بصراحة نقول، بل نحذر: إننا لن نقف مكتوفي الأيدي إزاء عدم إقرار هذا القانون، وسنحمل السلطة التشريعية ونواب الأمة جميعا مسؤولية أي تصعيد قد نلجأ إليه”، مؤكدا ان “كل وسائل الضغط الديموقراطي المنظم متاح لنا ومباحة”.
وناشد الحاج جميع اللبنانيين، وخصوصا المودعين، تفهم موقف الاتحاد في ما خص إعلان الإضراب وما قد يليه من تصعيد، فغايته حماية ما تبقى من أموال في المصارف، وليس تيسير تهرب إدارات المصارف من تطبيق التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان على سبيل المثال وليس الحصر تعميم رقم 151 و158 اللذين ستتوقف حتما المصارف عن تنفيذ مندرجاتهما في حال استهلاك أموال الاحتياطي الالزامي”.
وقال: “إن اتحادنا يناشد دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس وأعضاء لجنة الإدارة والعدل النيابية تلقف هذا الموقف بايجابية وتفهم أبعاده ومبرراته المشروعة، والاستجابة له عبر الشروع في صياغة مشروع قانون في هذا الخصوص وإدراجه بلا تأخير على جدول أعمال الهيئة العامة، إلى جانب إقرار قانون الـ Capital Control”.
ودعا “اللبنانيين والمودعين الى مؤزارة اتحادنا في هذا التحرك الرامي إلى استصدار قانون يحظر التصرف بأموال الاحتياطي الإلزامي، وذلك من خلال المشاركة في الاعتصامات والتظاهرات التي سننظمها وندعو إليها تباعا حتى تحقيق هذا المطلب الوطني”.
وختم مؤكدا ان “تحركنا هدفه حماية ما تبقى من أموال للمودعين، تحركنا هدفه حماية ألوف العائلات التي تعتاش من الوظيفة المصرفية، تحركنا هدفه إعادة الثقة بالقطاع المصرفي المؤتمن على أموال المودعين، تحركنا هدفه قول كلمة لا للسياسات العامة التي أوصلت البلاد إلى الإفلاس”.