أكد النائب حسن فضل الله أن “هناك اتصالات بين عدد من الكتل النيابية للتفاهم على تكليف رئيس جديد للحكومة، وفي ضوء الخيارات المطروحة ستحدد الكتلة موقفها في اجتماع تعقده صباح الاثنين وتعلنه في خلال الاستشارات الملزمة من قصر بعبدا، والمهم أن يكون التكليف مقدمة فعلية لتشكيل حكومة من دون عوائق أو استيلاد شروط تستنزف مزيدا من الوقت، لأن الأولوية هي لتشكيل الحكومة للقيام بمهمات إنقاذية سريعة في ظل الانهيار الحاصل”.
كلام فضل الله جاء خلال لقاء مع اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل عقد في مجمع أهل البيت في المدينة ناقش حاجات المنطقة، وقال: “توجد حاجة لمعالجات سريعة لقضايا حيوية مثل المياه والدواء وتوفير المازوت الذي تحول إلى تجارة غير مشروعة في السوق السوداء بأسعار عالية، بمشاركة واضحة من المستوردين الذين يزودون تلك السوق بكميات كبيرة، وبعض الشركات الكبرى المستوردة للمحروقات هي من تشجع على تجارة السوق السوداء، وتوزع كميات كبيرة خارج الأطر الشرعية، والحل أن تبادر القوى الأمنية إلى مداهمة أماكن التخزين وأن تقوم الوزارات المعنية بالتدقيق بفواتير الشركات لمعرفة مبيعاتها، وأن يتم رفع الغطاء الجدي وليس الكلامي عن المحتكرين الذين يستغلون التغطية السياسية وغياب الرقابة والمحاسبة. لأنَّ الجهات الرسمية المعنية لا تقوم بالجهد المطلوب، وكل ذلك يترافق مع خضوع السلطة القضائية المعنية بالمحاسبة للارادة السياسية نفسها التي تحمي المتلاعبين بحياة الناس”.
أضاف: “لدينا تجربة مريرة مع القضاء المسيس لأن من بين الأسباب التي أوصلت البلد إلى الإنهيار عدم قيام القضاء بمهامه في محاسبة الفاسدين وتركهم يستبيحون مال الدولة، فلم يسجن هذا القضاء فاسدا واحدا، مع العلم أن جواريره تمتلئ بملفات الفساد. ورغم وجود قضاة حاولوا القيام ببعض الأدوار الإيجابية فإن منظومة القضاء والعقلية التي يدار بها كانت أمينة على تنفيذ رغبات السياسيين ولم تكن مؤتمنة على مصالح اللبنانيين”.
وتابع: “قدمنا لهذا القضاء ملفات تطال رؤساء ووزراء، لكنه احتج علينا بالنص الدستوري الملزم الذي يمنع القضاء العدلي من محاسبتهم، وأصر على موقفه بأن المجلس النيابي وحده يحاسبهم من خلال المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فلم نتمكن من جلب أي وزير إلى القضاء حتى لمجرد الاستماع إليه أحيانا، ورفض القضاء كل الاجتهادات وتمسك بوجود مانع دستوري، يحول دون محاكمة الرؤساء والوزراء رغم الكارثة التي حلت بلبنان بسبب الفساد والهدر في الدولة وأدت إلى أسوأ أزمة في تاريخ لبنان وإلى زلزال مالي واقتصادي أصاب الشعب بأكمله”.
وأردف: “بادرنا إلى تقديم اقتراحات قوانين هي من أهم القوانين الإصلاحية وتتضمن تعديل قانون محاكمة الرؤساء والوزراء وتعديل المواد الدستورية التي وقف القضاء عند حدودها، وتعديل قانون الموظفين، وهذه التعديلات لو أقرت كما تقدمنا بها لأتاحت للقضاء العدلي محاسبة رئيس الوزراء والوزراء والموظفين من دون العودة إلى المجلس النيابي أو المرجع المختص ولأسقطت جميع الحصانات، لكنَّ محاولتنا الإصلاحية واجهت معارضة شديدة داخل المجلس، فبعض الكتل هرَّبت نوابها عند المناقشة وكتل أخرى صوتت ضد إقتراحاتنا فسقطت في الهيئة العامة”.
وقال: “بعض الذين يزايدون شعبويا تحت شعار رفع الحصانات يغشون الرأي العام، ويستغلون عذابات أهالي الشهداء ويوهمون الناس أنهم يخوضون معركة لأجلهم، فيقلبون الحقائق، ويمارسون التضليل لأن معركتهم الحقيقية سياسية لكسب الشعبية وأصوات الناخبين، وهم الذين رفضوا إسقاط الحصانات سابقا وفق الأصول وأبقوا على النصوص الدستورية كما كانت، لمنع محاكمة الفاسدين، ما يعني أنهم هم من أسهم في إبقاء الصلاحية الدستورية للمجلس الأعلى في محاكمة الوزراء، الذي يحدد قانونه آلية لرفع الحصانة لا يوجد غيرها، ولم يقبل سابقا القضاء تجاوزها بل كان مصرا عليها، وتنص على تقديم عريضة يوقعها خمس المجلس النيابي على الأقل تهدف إلى رفع الحصانة، ويأخذ فيها النواب الموقعون صفة الإدعاء على المتهمين لتحويلهم إلى المحاكمة”.
ولفت الى أن “هذه هي الآلية المعتمدة لرفع الحصانة عن رئيس الوزراء والوزراء، وهو ما حاولنا تعديلها كي لا تبقى حصانات على أحد، وتتطلب هذه الآلية توجيه الاتهام من ثلثي أعضاء المجلس، بناء على العريضة النيابية، والذين عطلوا فرصة الإصلاح بذريعة المحافظة على الدستور هم الذين جعلوا الممر الإلزامي لرفع الحصانة سلوك هذا المسار، وعندما يجتمع المجلس النيابي سيكون أمامه تلك الآلية القانونية، وغير ذلك يحتاج إلى تعديل دستوري سبق وتم رفضه. فما عدا مما بدا ليصبح المعارضون لإقتراحاتنا بالأمس من المتحمسين لاستنسابية تجاوز الدستور اليوم، أم أن هناك وظيفة سياسية جديدة مطلوبة قبل الانتخابات النيابية ولو اقتضت الإطاحة بكل الأصول الدستورية والرقص على أوجاع الناس لتحقيق مكاسب رخيصة”.
وختم فضل الله: “موقفنا ينسجم مع قناعاتنا وينطلق من أسس وطنية، لأن الوصول إلى الحقائق الكاملة يجب أن يكون مطلبا عادلا بعيدا عن التسييس والاستغلال كي لا تضيع هذه الحقائق في دهاليز السياسة، خصوصا أن الدوائر الخارجية مع بعض القوى المحلية قد وضعت عنوانا علنيا لمعركتها على لبنان وهو الحصول على الأكثرية النيابية للاستيلاء على القرار السياسي للبلد، لتنفيذ مشاريعها القديمة الجديدة، وتخوض هذه المعركة بدماء الناس وأوجاعهم وعلى حساب لقمة عيشهم”.