تحذيرٌ ممّا بعد حزيران… 72 في المئة من الأسر ستحتاجُ لطعام!

يستمرُّ تضخُّم أسعار المواد الغذائية الأساسية في لبنان ليبلغ مستوياتٍ غير مسبوقة، إذ سجَّلت أسعار السلع الأساسية التي تحتاج إليها الأسر ارتفاعًا ملحوظًا في الأسبوع الأخير من شهر حزيران 2021، بناءً على جداول أسعار وزارة الاقتصاد والتجارة والتتبع الاسبوعي لها من قبل باحثي مرصد الازمة.

 

وفي متابعة لأسعار بعض هذه السلع يمكن تبيُّن الارتفاعات الكبيرة في كلفة الغذاء والحاجات الأساسية. فقد ارتفع سعر زيت دوار الشمس بنسبة تخطَّت 1100 في المئة منذ صيف 2019، أي قبل حدوث الانهيار المالي والاقتصادي، فيما ارتفع سعر لحم البقر 627 في المئة والأرز العادي 545 في المئة. أما سعر البيض فقد ارتفع 450 في المئة، وتضاعف سعر اللبنة 275 في المئة.

 

ووفقًا لمحاكاة لأسعار المواد الغذائية في حزيران 2021، فإن وجبة غداء أو عشاء عادية مكوَّنة من سلطة وحساء وطبق أساسي (أرز ودجاج)، لأسرة مكونة من خمسة أفراد، باتت كلفتها تُقدَّر بـ 71,000 ليرة لبنانية يوميًّا، من دون احتساب أيِّ نوعٍ من أنواع الفاكهة أو كلفة المياه والغاز والكهرباء ومواد التنظيف. وبناء على هذه التقديرات فمن المتوقَّع أن تنفق الأسرة نحو 2,130,000 ل.ل. (مليونين ومئة وثلاثين ألف ل.ل.) على وجبة رئيسية واحدة خلال شهر واحد، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف (3,16) الحد الأدنى للأجور تقريبًا. عندها وبأقل تقدير، ستجد أكثرية الأسر في لبنان (72 في المئة) -التي لا تتعدَّى مداخيلها 2,400,000 ل.ل. (مليونين وأربعمئة ألف ل.ل.) شهريًا- صعوبة في تأمين قُوتِها بالحدِّ الأدنى المطلوب، استنادًا إلى أرقام دخل الأسر، بحسب تقرير إدارة الإحصاء المركزي لعام 2019.

 

يرتبط التضخُّم الكبير الحاصل في أسعار المواد الغذائية بتدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، حيث خسرت العملة الوطنية حوالي 99 في المئة من قيمتها خلال أقل من عامين. ومن المتوقَّع أن يستمرَّ هذا التضخُّم مع ترقُّب انخفاضٍ أكبر سيطرأ على قيمتها خلال الأشهر المقبلة، علمًا أنَّ لبنان يستورد معظم احتياجاته الغذائية من سلعٍ أو موادَّ أولية من الخارج.

 

يصبح الكلام على انعدام أمن سكَّان لبنان الغذائي واقعًا عسيرًا، فأرقام تقرير منظمة “اليونيسف” تفيد بأنَّ 30 في المئة من أطفال لبنان ينامون على طَوَىً ببطون خاوية، وهي حقيقة مؤلمة وهي أنَّ لبنان لم يبلغ بعدُ عصفَ الأزمة العميقة في حدِّها الأقصى.

 

ما العمل؟

مع انعدام القرار السياسي وتسارع الانهيار والاصرار على تجاهل الازمات الانسانية والاجتماعية والتأخر غير المبرر في اطلاق برامج تُسعف الفقراء وتخفف من وطأة الازمة عليهم، لا يبقى في المرحلة القادمة إلَّا تضامن الناس بعضهم مع بعض والاعتماد على الروابط الاهلية والعائلية على مستوى البلدات والقرى وأحياء المدن ، حتى يمرَّ عصفُ الأزمة بحد ادنى من مآسي وسوء تغذية واكلاف انسانية متعددة.