كتبت رلى ابراهيم في “الاخبار”
نبّه قائد الجيش العماد جوزف عون مضيفيه الفرنسيين، في زيارته الأخيرة لباريس، إلى الخطر الذي يمثّله الانهيار الاقتصادي على وحدة الجيش. وأكد أن «90% من النازحين السوريين» في لبنان يمكنهم العودة إلى بلادهم، وأن بقاءهم قد يؤدي إلى توترات أمنية مترافقة مع الأزمة الاقتصادية. فيما أكد الفرنسيون نيتهم عقد مؤتمر دولي هذا الشهر لدعم الجيش، بموافقة أميركية وأوروبية.
اللافت، بحسب معلومات توافرت لـ ««الأخبار»، كانت إثارة عون لملف النازحين السوريين «بصراحة غير مسبوقة». إذ ربط بين «الفقر المتزايد في البلد والمخيمات من جهة والإرهاب من جهة أخرى»، منبّهاً إلى أن تزايد الفقر قد يجعل من مخيمات النازحين «أرضاً خصبة للأفكار والأعمال الإرهابية». ولفت إلى أن الجيش أوقف أخيراً خلية إرهابية تضم 16 سورياً من أصل 20 في منطقة عرسال، «واكتشفنا أن المخيمات تخفي أنفاقاً وأسلحة وذخائر». وحذّر من ازدياد الوضع سوءاً مع تردّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مشيراً إلى «ارتفاع معدل الجرائم في لبنان. وقد بيّنت الإحصاءات أن 40% من هذه الجرائم نفّذها نازحون سوريون. كما اكتشفنا شبكات لتهريب البضائع عبر الحدود والبشر عبر البحر، ما يشكل خطراً على أوروبا».
قائد الجيش أكّد للوزيرة الفرنسية أن «90% من النازحين السوريين في لبنان يمكنهم العودة إلى بلادهم». وشدّد على أن «الحلّ الوحيد» هو مساعدتهم على العودة إلى بلادهم، من دون أن يعني ذلك إجبار المضطهدين منهم على ذلك، أو توجههم نحو أوروبا، لافتاً إلى أن «أشخاصاً في منطقة عرسال ممن عادوا إلى سوريا أكدوا أن السلطات هناك تتعامل معهم بصورة طبيعية». وعما إذا كان تنظيم «داعش» لا يزال ناشطاً في لبنان، أشار عون إلى اكتشاف خلايا نائمة، أخيراً، ضُبطت في حوزتها أسلحة غير متطورة. وقد تبين أن هذه الخلايا مقربة إيديولوجياً من «داعش»، لكن مصادر تمويلها شحّت. إلا أنه أعرب عن خشيته من وقوع مواجهات وصدامات بين النازحين السوريين والمواطنين اللبنانيين بسبب التفاوت في نوع «العملة» التي يتقاضاها الطرفان، وبين السوريين أنفسهم.
وتطرق اللقاء إلى أوضاع المخيمات الفلسطينية، فأشار عون إلى «تعاون مع السلطة الفلسطينية لمتابعتها أمنياً». وسألت بارلي عن مدى تأثير الأحداث الأخيرة في غزة على موقع السلطة الفلسطينية وما إذا كانت منظمة التحرير لا تزال قادرة على معالجة الأوضاع في مخيمات لبنان، فردّ عون بأن كل المخيمات تحت سيطرة المنظمة التي تنسق مع الجيش، باستثناء مخيم عين الحلوة الذي يضم مجموعات متعددة، وهو تحت رقابة دائمة لفوج كامل من الجيش ومحاط بجدار أمني.
بارلي خصّصت جزءاً من حوارها مع قائد الجيش حول حزب الله ورد فعله على أحداث غزة، فأكّد عون أن الجيش على تواصل دائم مع الحزب، «وهم ينسّقون معنا في سياق دعوات التظاهر التي يوجهونها إلى مناصريهم». وأشار إلى أنه باستثناء ثلاثة حوادث إطلاق صواريخ في الجنوب، والتي «تبيّن أن المسؤولين عنها تابعون لمجموعات قريبة من الإخوان المسلمين، لم يحصل أي شي من الجهة اللبنانية على الحدود». وأوضح أن الصواريخ كانت بدائية تقنياً، والمجموعات التي أطلقتها نجحت في تهريبها إلى لبنان على الرغم من التدابير التي تفرضها القوات العسكرية اللبنانية على الحدود. وخلص إلى أن حزب الله كان «متعاوناً جدًّا» في كل ما يتعلق بهذه الحوادث، وإلى أنه لا يعتقد أن الحزب مسؤول عما حصل أو كان يريد حصوله. وأضاف أن «أكثرية اللبنانيين ترفض ما حصل. اللبنانيون يدعمون الشعب الفلسطيني، لكنهم لا يريدون تحويل لبنان إلى أرض تنطلق منها هجمات باتجاه فلسطين المحتلة.
وأوضح أن المؤسسة العسكرية تحتاج إلى نوعين من المساعدة: أولاً، للإبقاء على وتيرة عمليات القوات العسكرية اللبنانية على ما هي عليه ولإعطائها القدرات والوسائل اللازمة لتنفيذها. وثانياً، للحفاظ على معنويات العسكريين عبر تأمين خدمات طبية وأدوية ومساعدات غذائية لعائلاتهم. ولفت في هذا السياق إلى أنه تمكن من تأمين مساعدات لحوالى 22 ألف عسكري متأهل بدعم من الإمارات والكويت وسلطنة عمان والأردن والمغرب وفرنسا وغيرها.
الوزيرة الفرنسية أبلغت عون قرار فرنسا «دعم مطالب الجيش وحاجاته قدر المستطاع» وأكدت نية عقد مؤتمر دولي لدعم الجيش الذي تعتبره «العَمود الفقري للبلاد»، قبل نهاية الشهر الجاري. وأضافت أن هذه المبادرة لقيت ترحيباً من شركاء فرنسا الأوروبيين وردّاً إيجابياً من الولايات المتحدة. وطلبت من عون إعداد لائحة بحاجات القوات العسكرية اللبنانية، وفقاً للأولويات، قبل انعقاد المؤتمر.