رأى العلامة السيد علي فضل الله في درس تفسير القرآن الأسبوعي “أن الحديث عن انتخابات نيابية مبكرة تغطية للعجز والفشل السياسي”، مؤكدا “أن العقلية التي تدار فيها الأمور في هذا البلد هي التي أوصلتنا للانهيار” محذرا من “أن الذي يحصل هو تدجين للناس من خلال مفعول رجعي طائفي”.
وقال ردا على سؤال حول الحكومة والحديث عن انتخابات نيابية مبكرة:”أتصور أن الحديث عن انتخابات نيابية مبكرة في هذه المرحلة قد يكون ذرا للرماد في العيون وتغطية للعجز والفشل السياسي في تشكيل الحكومة، ويأتي في سياق المناورات أو الضغوط القائمة بين الأطراف السياسية، وهو في هذه الظروف لا يمكن تصنيفه إلا في سياق الوهم السياسي، باعتباره لا يملك صدقية التحقق، إذ في ظل الوضع المتأزم والسجال السياسي والطائفي الحاد يستحيل على القوى السياسية الفاعلة أن تتفق على قانون انتخابي يتفق عليه الجميع، وبالتالي فإن البديل عن المجلس النيابي الحالي الوصول إلى مرحلة الفراغ والفوضى الكاملة”.
أضاف: إننا في الوقت الذي نؤكد ضرورة إحداث تغيير في البنية السياسية الراهنة التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه، لكن الحلول المطروحة تفاقم من المشكلة السياسية بدلا أن تساعدها في معالجتها، وليست المشكلة القائمة حاليا معقدة بالصورة التي يجري الحديث عنها، فنقاط الخلاف المتداولة ليست عصية على الحل إذا كان المعنيون بتشكيل الحكومة يمتلكون الإرادة والرغبة في الحل، ونحسب أن العقد تتصل برغبة كل فريق في تشكيل الحكومة على قياسه، وما التصعيد السياسي الذي يثير العصبيات الطائفية إلا محاولة من كل فريق لحشد الصفوف لتعزيز المكانة الشعبية في شارعه، وبالصورة التي تخدمه إذا جرت الانتخابات في موعدها المحدد”.
وقال:” إننا إذ نحذر من عواقب هذا المشهد السياسي التصعيدي، نجدد القول بأن العقلية التي تدار بها السياسية في هذا البلد هي المسؤولة عما يحدث، وأخشى أن أقول من أن الناس قد اعتادت عليها، وباتت تميل إلى التعصب أكثر كلما ازداد سير البلد نحو الانهيار بدلا من أن ترفع الصوت عاليا وتقف بوجه كل من قاد البلد نحو المجهول ولا يزال يتلاعب بمصير الناس ويدفع بهم نحو الجوع الحتمي والانهيار الشامل. ونحن عندما نشاهد ما يجري في هذه الأيام في هذه الطوابير للسيارات أمام محطات الوقود، وما نراه من رفع فعلي للدعم نخشى من أن الذي يحصل هو تدجين الناس، وتهيئتها للسير مع الأمر الواقع وتقبّل منطق الموت البطيء على خيار الرفض التام لكل هؤلاء الذين صنعوا مأساة الناس وما زالوا في مواقعهم بفعل مفعول رجعي طائفي أو مذهبي أو من خلال عصبيات أو تمذهب أو تحزب ليس فيه عنوان إنساني ولا إسلامي ولا مسيحي، ولا ينتمي إلى لبنان الحضارة والرقي الذي يتغنى به الجميع”.
وختم:” لقد آن الأوان للناس لكي تقول كلمتها وتخرج عن صمتها وتهجر هذا الاستسلام تحت الضغط الطائفي وتعلن بداية التمرد على هذا الواقع وإلا مأساتها ومأساة الوطن ستكون طويلة ومريرة”.