ما هو الهدف من “القرض الحسن”؟

نشرت العربية مقالاً للصحافية جوني فخري تحت عنوان “حسابات الظل.. باب حزب الله للتسلل إلى القطاع المصرفي”، جاء فيه: “ألقت العقوبات الأميركية التي فرضت قبل يومين على أفراد وكيانات على صلة بـ”حزب الله”، الضوء مجددا على مؤسسة “القرض الحسن” التي وصفت سابقاً بمصرف الحزب الأسود من خلال فرض عقوبات على ستة أشخاص على صلة بها، بالإضافة إلى مسؤول الوحدة المالية المركزية لـ”حزب الله”، وذلك ضمن لائحة هي الأولى بعد بدء ولاية الرئيس جو بايدن”.
وأضاف المقال، “لعل اللافت في الخطوة الأميركية إشارة وزارة الخزانة في بيانها إلى أن “القرض الحسن” تنقل الأموال بشكل غير مشروع من خلال حسابات وهمية أو ما يُعرف بـ”حسابات الظل” لدى مصارف لبنانية ليتم عبرها إجراء المعاملات نيابة عن حزب الله، الأمر الذي أقحمه في قلب القطاع المالي اللبناني وأعطاه تدفقاً مستمراً للعملة الصعبة”.

وتابع، “ما يطرح علامات استفهام عديدة حول طريقة عمل تلك المؤسسة المالية الحزبية، غيابها عن لائحة المصارف المُرخصة من قبل مصرف لبنان وعدم خضوعها لقانون “النقد والتسليف” اللبناني، رغم أن لديها نشاطاً مصرفياً رئيسياً (تقديم القروض الصغيرة الحجم ولآجال قصيرة مقابل رهن الذهب)، والاكتفاء بترخيص من وزارة الداخلية اللبنانية حصلت عليه سنة 1987 بموجب علم وخبر 217/أ.د”.
ولفت الى “أن “القرض الحسن” مُصنّفة أميركياً على لائحة الإرهاب منذ نيسان 2016، لكونها مملوكة أو خاضعة لسيطرة “حزب الله” وتُقدم الدعم له، غير أن نشاطاتها لم تتوقّف بل تضاعفت، لاسيما في الأشهر الأخيرة رغم استفحال الأزمة الاقتصادية والمعيشية على اللبنانيين، ما طرح تساؤلات حول مدى استفادتها من “حسابات الظل” في مصارف لبنانية لتمويل نشاطها.
وسأل، “فماذا تعني عبارة حسابات وهمية؟ وكيف شكّلت “جسر عبور” لـ”حزب الله” لنقل الأموال إلى مؤسساته الخاصة لتمويل نشاطاته الحزبية؟”.
للإجابة عن تلك الأسئلة، أوضح الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمّود: “أن كل شخص تتجاوز حركة حسابه المصرفي طبيعة عمله الموثّق بمستندات وهو في الوقت نفسه مرتبط عاطفياً أو بيئياً بـ”حزب الله”، يُدرج حسابه في خانة “الحساب الوهمي” ما يُعرّضه حُكماً للإغلاق”.
كما أضاف “منذ إدراج القرض الحسن على لائحة العقوبات الأميركية اتّخذنا إجراءات بإغلاق معظم الحسابات الوهمية التي قد تكون مرتبطة بها، وعندما أُدرج “جمّال ترست بنك” على لائحة العقوبات في العام 2019 اكتشفنا وجود حسابات وهمية Fronting account لها علاقة بـ”القرض الحسن” فأغلقناها سريعاً”.
ووفق المقال، “منذ أن صنّفت الولايات المتحدة الأميركية حزب الله منظمة إرهابية في 31 تشرين الأول 2001 عمد القطاع المصرفي اللبناني كما يقول حمّود إلى إغلاق حسابات وهمية وغير وهمية عديدة تعود لأشخاص إمّا محسوبين مباشرةً على حزب الله أو من بيئته، وذلك لحماية القطاع المصرفي من الإجراءات العقابية التي تتّخذها وزارة الخزانة الأميركية”.
وأعاد بيان وزارة الخزانة الأميركية الذي أشار إلى “حساب ظل” التذكير بالرسالة النارية التي تلقّاها القطاع المصرفي اللبناني في حزيران 2016، في أعقاب تفجير استهدف “بنك لبنان والمهجر” في عملية وضعها محللون في خانة الأزمة في العلاقة بين القطاع المصرفي وحزب الله على خلفية إقفال حسابات عائدة لمناصري الحزب تنفيذاً لقانون أميركي يضيق على تمويلاته.
وفي الإطار، أفاد مصدر مصرفي رفيع “أن القطاع المصرفي اللبناني مُلتزم بالقوانين الدولية، لذلك أغلقت حسابات عديدة في السنوات الأخيرة معظمها كانت موجودة لدى “بنك لبنان والمهجر”.
كما اعتبر “أن علاقة المصارف اللبنانية مع مصارف المراسلة مُعرّضة لمزيد من التدهور نتيجة هذه الحسابات الوهمية، من هنا ضرورة مواصلة عملية إغلاقها”.
بدوره، كشف خبير مالي “أن الحسابات الوهمية هي باب أساسي لتبييض الأموال واستخدامها بتمويل أنشطة سياسية أو غير مشروعة، بحيث يستخدم صاحب “حساب الظل” اسماً وهمياً بهدف نقل الأموال إلى جهة معيّنة تمارس أنشطة غير مشروعة”.
ويتم نقل الأموال إلى حسابات وهمية عديدة وعلى دفعات لا تتعدى الواحدة منها سقف العشرة آلاف دولار، كما يقول الخبير المالي.
كما لفت إلى “أن مؤسسة “القرض الحسن” هي خارج المنظومة المصرفية ووجدت للقيام بأنشطة مالية وتمويلية تجاوزت حدود نظام إنشائها، وذلك بهدف تمويل نشاطات حزب الله التي تتعارض مع القرارات الدولية ذات الصلة”.
أما عن ضبط هذه الحسابات فيتم بحسب الخبير من خلال التشديد على الامتثال للمعايير الدولية المتعلّقة بتمويل الإرهاب ومكافحة تبييض الأموال وإلا فإن مزيدا من العقوبات ستلاحق المصارف اللبنانية.
ذكر أنه منذ فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على المصرف اللبناني الكندي عام 2011 بتهمة استخدام حساباته من جانب أشخاص ناشطين في تجارة المخدرات والسلاح لمصلحة حزب الله، إضافة إلى غسل الأموال، ثم في العام 2019 مصرف “جمّال ترست” وشركات تأمين تابعة له، لاتهامه بتقديم خدمات مالية لحزب الله وانتهاكه قوانين غسل الأموال، وُضع القطاع المصرفي اللبناني تحت المجهر الأميركي لمنع تحوّله إلى مصدر لتمويل نشاطات حزب الله من خلال استخدامه حسابات وهمية لغسل الأموال.
من جهته، اعتبر الباحث السياسي والمحلل الاقتصادي سامي نادر “أن حزب الله وضع لبنان في عين العاصفة وليس فقط القطاع المصرفي، وبالتالي فإن هؤلاء الأشخاص الذين أدرجتهم وزارة الخزانة الأميركية على لائحة العقوبات لم يستخدموا حسابات وهمية وإنما حسابات باسمهم شخصياً”.
وقال “اللافت في العقوبات أنها الأولى في عهد الرئيس بايدن الذي تنتهج إدارته مقاربة مختلفة بالأسلوب بالنسبة لإيران وتُحاول إعادة إحياء الاتفاق النووي”.
كما لفت نادر إلى “أن لائحة العقوبات ضد أفراد مرتبطين بحزب الله هي الأولى التي تطال الأنشطة المالية لحزب الله في عهد بايدن”.